لعن الله من أيقظها!

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 22 - 10 - 2005

تلك هى أحداث الفتنة الطائفية التى تحرق نسيج مصر رغم كل الادعاءات التى تبناها النظام والشكليات التى اكتفى بها دون أن يزيل شكاوى كل من المسلمين والمسيحيين فى مصر فى مناخ صحى من الصراحة والوضوح والشفافية ومواجهة الحقائق دون القفز على الأزمات التى مرت بها العلاقات بين نسيج الوطن الواحد , وأظننى لن أبالغ لو قلت أن النظام المستبد الذى يحكمنا طوال الخمسين عاما الماضية هو المتسبب الحقيقى فى كل الأزمات التى بدرت من الجانبين فى هذه الفترة من الزمان, وقد يستلزم هذا مناقشة الشواهد والأسباب والحلول ولولا الانشغال بانتخابات البرلمان القادمة 2005م لكان الأمر يستحق وقفة طويلة ولكن على كل الأحوال لاننسى أن النظام فى مصر هو الذى نحى كل الشرفاء من الجانبين للتفاهم المباشر وفرض نفسه بجهازه الأمنى فى تناول تفاصيل العلاقات ومناقشة المطالب المعروضة من الجانبين, فلم يكن صريحا ولم يكن حاسما وفى كثير من الأحيان لم يكن محقا !! , والنظام هو الذى ابتدع جلوس الشيخ بجانب القس ثم تسبب فى ظلم الطرفين وتلاعب بالمطالب حتى خرجت الأمور من يده ومثال ذلك قانون الخط الهمايونى الذى يخص بناء الكنائس وكان من الممكن فى وجود العلماء الحقيقيين- الذين غيبهم النظام -لا علماء السلطة الذين دفع بهم النظام لواجهة الأحداث متاجرة بالدين حل الأشكالية بين أبناء الوطن الواحد بدلا من تجاهل الأمر حتى تدخل الأجنبى فى شئوننا ومارس ضغطه على هذا النظام الضعيف فسمح ببناء أكثر مما يحتاجه الأخوة المسيحيين وانتشرت الكنائس فى مقابل التضييق على المساجد وحصارها وتشريع قانون يمنع بنائها الا بشروط مغال فيها صعبة التحقيق مما أثار غضب المسلمين وخاصة المتشددين منهم والبسطاء العوام وقود كل غضب من الطرفين !! وهكذا كان التصرف مع من أشهر اسلامه كان موقف النظام ضعيفا ينحاز الى فئة استغلت الظرف التاريخى والضعف الذى اعترى النظام وغياب الحوار والعقل فتسبب من حيث يدرى أو لايدرى من زيادة الاحتقان ولهيب الفتنة !! ولقد كان لموقف النظام أخيرا من المسيحيين الذين يرأسهم اليوم مسئول ديني يجيد فن السياسة واستغل خطأ النظام فى تناول قضايا المسيحيين كما أسلفنا سابقا وصار يمارس ضغوطا متأنية ومستمرة حتى صار للمسيحيين فى مصر حقوقا ليست للمسلمين منها فقط حرية الأنشطة داخل الكنائس ولسنا بصدد الحكم بعدم أحقيتهم ولكن موقف النظام من المسلمين والتضييق على المساجد هو الذى ولد هذا الشعور وفى هذا الاطار يمكن سرد عشرات الحالات التى اساءت لكل من المسلمين والمسيحيين ولمصر ,لقد لعب النظام بورقة المسيحيين كما لعب بورقة الاخوان لضمان بقائه حتى وان كان الثمن أمن مصر واستقرارها!! ان فساد النظام واستبداده وظلمه هو الركن الأول فى اثارة الفتنة بين نسيج الوطن الواحد أما الركن الثانى فقد كان رجال الدين المتطرفون الذين يبحثون عن مواجهة بدلا من ممارسة الدعوة وقول التى هى أحسن فى اطار الحفاظ على ثوابت الدين التى لاتعادى ذميا بمنطق الجزية أو شريكا فى الوطن بمنطق المواطنة وتساوى الحقوق والواجبات !! وكذلك عوام الناس من البسطاء المحبين لدينهم والمدافعين عنه بكل غال ورخيص دون اعتبار لفقه أو موائمة أو مصالح مرسلة.

ولعل ما حدث فى الأسكنرية منذ أيام يؤكد مسئولية كل هؤلاء ولا أمل فى حل دون الصدق فى المواجهة والشفافية فى العرض والعزم والحسم فى فرض ما يحفظ على الوطن حرمته وسلامته ومحاسبة المخطئين مهما كانوا بعد تحقيقات عادلة مع البعد عن تجميل المواقف والضحك على الدقون والتأكيد على متانة النسيج الذى بدأ يتحلل نتيجة تصرفات نظام لم ينشغل طوال عمره الا بتأمين وجوده!!! فهل نجد من أهل النظام اعتراف بالخطأ ومحاولة للاستدراك نتعاون فيه جميعا لنفوت الفرصة على أعداء الوطن والانسانية والاسلام والمسيحية السمحة أم يبقى العناد هو سيد الموقف ولا حول ولا قوة الا بالله

نائب بالبرلمان السابق

E mail: drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق