نووى يا نووى .. أهو جانا !! ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 16 - 10 - 2006

اليوم أريد أن أركز على عدة نقاط هامة فى ملف البرنامج النووى المصرى الذى درسه كل المختصين فى مصر وكل من له صلة والمعروض فى التقرير رقم 8 من سلسلة تقارير مجلس الشورى والصادر بتاريخ 2 يوليو 1987م كى نفرق بين الجد والهزل فى هذا الموضوع الخطير والذى حورب من النظام الحاكم بالتقليل من شأنه وأهميته ثم تم تجاهله طوال 20 عاما حتى ظهر فجأة بعيدا عن رصانة العلماء وحكمة الخبراء واهتمام المتخصصين ! واليوم نستعرض بعض الفقرات عن (مصادر اليورانيوم فى مصر ) (التخلص من النفايات النووية) (المواقع المقترحة للمفاعلات النووية )(توصيات التقرير ) ثم نخرج من التقرير بإطلالة سريعة على تقرير صهيونى وآخر أمريكى من المخابرات الأمريكية عن العالم فى عام 2020 م !

(مصادر اليورانيوم فى مصر )

يقول التقرير من 20 سنة ضاعت من عمر مصر ليه ؟ ! إقرأ كى تكتمل الإجابة لديك أخى القارئ

"فى ضوء موقف البترول العالمى ونقص احتياطياته فقد أصبح استخدامه لإنتاج الكهرباء يمثل خسارة إقتصادية.. , وقد لجأت كثير من دول العالم المتقدمة والنامية إلى البديل النووى لتوفير حاجتها من الطاقة وأصبح من المتوقع أن تغطى الطاقة النووية 50% من احتياجات العالم من الطاقة فى سنة 2000م . ونظرا لأهمية إدخال الطاقة النووية فى مصر لتوليد الكهرباء فقد قررت وزارة الكهرباء والطاقة بناء ثمانى محطات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية قدرة كل منها 1000 ميجاوات ابتداء من المرحلة الحاضرة وحتى عام 2000م لتساهم بحوالى 40% من إجمالى الطاقة الكهربائية المطلوبة لمصر سنويا" والسؤال هنا إذا كان هناك بدء فى التنفيذ ! من أوقف العمل؟ ولماذا ؟ ومن يحاسبه إن أخطأ؟

"ملخص لمصادر اليورانيوم حسب نوعية الصخور الحاملة له:

• اليورانيوم فى صخور الجرانيت الوردى فى منطقة المسيكات العريضية بالصحراء الشرقية – فى الحزام الجرنيتى الواقع فى منتصف طريق قنا-سفاجا, منطقة جبل جتار شمال غرب مدينة الغردقة و منطقة أم آرا والتى تبعد حوالى 180 كم جنوب شرق أسوان.

• اليورانيوم فى الصخور الرسوبية فى منطقة الواحات البحرية بالصحراء الغربية بمنطقة جبل الهفوف وكذلك مناطق شبه جزيرة سيناء وشمال الصحراء الشرقية .

• اليورانيوم فى صخور الفوسفات بنسب متفاوتة تصل فى بعض الأحيان غلى ما يزيد على 100 جزء فى المليون وعلى هذا الأساس فإ افوسفات المصرى يعتبر مصدرا لليورانيوم كناتج ثانوى أثناء عملية تصنيع الأسمدة حيث يمكن استخلاص اليورانيوم خلال تصنيع حامض الفوسفوريك من خام الفوسفات والوحيد فى مصر التى يقوم بالتصنيع هو مصنع شركة أبو زعبل للأسمدة والمواد الكيماوية اما تصنيع الأسمدة فيشاركه مصنع كفر الزيات ومصنع أسيوط وطبقا لنسبة اليورانيوم فى الخام التى تبلغ حوالى 60 جرام/طن وفى المتوسط فإن كمية اليورانيوم التى يمكن استخلاصها سنويا تصل إلى 15 طنا أو 30 طنا فى حالة مضاعفة إنتاج مصنع الفوسفوريك كما هو مستهدف فى الخطة الخمسية المقبلة 87/1992 م " ولكى تكتمل اركان الجريمة التى أرتكبت فى حق مصر فإن إعلانا وقع فى يدى يعلن عن بيع نواتج انتاج حمض الفوسفوريك فى أحد المصانع التى تنتجه وكان بجريدة الأهرام !!

• اليورانيوم فى الرمال السوداء فى الساحل الشمالى مابين رشيد غربا ورفح شرقا والتى تحتوى على معادن اقتصادية هى حسب أهميتها: الروتل والزركون والمونازيت و الماحنيت والجارنيت والألمنيت يضاف اليها الذهب والكستريت بنسب تتراواح بين 5 – 30% وهو ما يحتاج غلى تقنية عالية لإستخلاصهخاصة من المونازيت وهيئة الطاقة الذرية تملك فعلا مصنعا تجريبيا لتصنيع المونازيت فى انشاص والخبرة اللازمة فى هذا المجال

(التخلص من النفايات النووية)

يرد على هذه النقطة فى ذات التقرير المهندس ماهر أباظة وزير الكهرباء والطاقة فى رده على عرض الأولى للتقرير يوم الاثنين 29/6/1987م حيث يقول: أثار بعض السادة الأعضاء الأفاضل موضوع النفايات وأود أن أوضح هنا أنه فى كثير من الأحيان نخلط بين النفايات العادية وهى لا تشكل أى مشاكل خطيرة, ولكن المشكلة تتمثل فى النفايات الحاملة للإشعاع والتى تنتج لمعالجة الوقود المحترق لانتاج المواد الإستراتيجية والتى تستعمل فى المجال العسكرى, وبخصوص النفايات التى تثير الإهتمام فإننى أكرر أن التكنولوجيا القائمة حاليا لحفظ هذه النفايات مع تحويلها الى زجاج أصبحت مجربة واتفق الجميع على صلاحياتها إضافة الى ذلك فإن مصر بالبرنامج النووى المتواضع الذى نبدأ بعد دول مثل أمريكا التى لديها ما يزيد عن مأئة مفاعل يعمل و30 مفاعل تحت الإنشاء وفى فرنسا يوجد 45 مفاعلا يعمل و20 تحت الإنشاء .... وإننى سبق لى زيارة هذه المناطق مرارا حيث تخزن نفاياتها النووية عالية الإشعاعفى معمل بجنوب فرنسا مساحته تقريبا تعادل مساحة قاعة مجلس الشورى وسبق أن قولنا أنه لن يكون لدينا نفايات قبل عشرين سنة على الأقل حيث أن إنشاء المفاعل سيستغرق حوالى 7 سنوات بعد ذلك يوضع الوقود النووى فى حمامات مياه موجودة فى نفس المفاعل تستغرق عشرات السنوات, بهذا الأسلوب لن يوجد لدينا أية نفايات قبل على الأقل حوالى 20 -30 سنة إذا ما فرضنا بدء عمل المفاعل النووى من اليوم.

(المواقع المقترحة للمفاعلات النووية )

تكلم عنها المهندس ماهر أباظة قائلا : أثار الأستاذ الدكتور عبد الفتاح القصاص موضوع اختيار المواقع وهو بلا شك أمر هام حظى بالدراسة والإهتمام طبقا للأسس العالمية وعلى مدى سنوات طويلة روعى فيها المتطلبات الفنية والأمان بالإضافة الى البعد عن المناطق السكنية حتى لا يتكرر ما حدث فى سيدى كرير, وكان اختيار منطقة الضبعة محققا لكل ذلك فهى تبعد حوالى 17 كم عن الأسكندرية و250 كم عن القاهرة ولعلم الجميع أن فى أمريكا وكندا تبعد المحطات النووية فيها حوالى 10 -20 كم عن المدن , ففى إسرائيل مفاعل ديمونة يكون أقرب إلى الدلتا من منطقة الضبعة !! أى أنه بقياس المسافة من ديمونة الى الدلتا نجد أن المسافة أقرب من الضبعة بالنسبة للدلتا !!"هل أحد يستطيع أن يفهم سر بيع أراضى الضبعة لمشروعات سياحية رغم وجود مثل هذه الدراسات ؟ هل هذا يصب فى نفس خانة المشرعات الإستهلاكية التى غطت مصر( زى اللبان والبسكويت والأيس كريم وغيرها ) فى مقابل إختفاء المشروعات الصناعية ذات القيمة الإستراتيجية !

( التوصيات النهائية للتقرير)

أهمها فى نظرى آخر أربع توصيات:

6. مناشدة وزارة التعليم وهى تسعى لتوير العملية التعليمية والتربوية أن يؤخذ فى الإعتبار الوسيلة المناسبة لإعداد الفرد والأمة للدخول فى هذا المجال واستيعاب هذه التكنولوجيا المتقدمة ( هل هناك علاقة بين هذه التوصية وانهيار العملية التعليمية برمتها فى مصر !)

7. الرجوع عن أسلوب"تسليم المفتاح" عند استيراد التكنولوجيا الأجنبية الذى مارسته مصر فى مراحل سابقة لما له من أخطار بعيدة المدى, والأخذ بالدخول المنظم فى التعرف على التكنولوجيات المتقدمة وتطويعها وتطويرها ( هل الرضا الصهيونى الأمريكى لإعلان مصر الأخير على لسان نجل الرئيس قد وافق على هذه التوصية ؟!!)

8. عند النظر غلى البرنامج النووى وجانب الطاقة فيه توصى اللجنة بأن يؤخذ فى الإعتبار- فى إطار النظرة المستقبلية- الدراسات التى قامت بها وزارة الكهرباء والطاقة ووزارة البترول والثروة المعدنية وغيرها من الأجهزة والتى أشارت الى مختلف مصادر الطاقة فى مصر من بترول وغاز وفحم وطاقة مائية والتى تجعل من الضرورى الدخول فى تكنولوجيات جديدة من بينها الطاقة النووية دون أن نغفل مصادر أخرى منها الطاقة الشمسية وطاقة الهواء والغاز الحيوى وغير ذلك( هل لو كان العرض النووى بدأ من خلال مؤسسات الدولة المعنية ثم انتهى بالإعلان السياسى كان يغير من مصداقية القرار الذى أخذ بعدا إعلاميا وجماهيريا أكثر ؟!!)

9. ترى اللجنة- ونرى معها بكل الصدق- أن إقامة المحطات النووية ينبغى ألا يقتصر على إنتاج الطاقة فقط بل يجب أن يتعداه إلى هدف أشمل وأن تتوافر دراسات جدوى اجتماعية وتنموية بجانب دراسات الجدوى الإقتصادية .( فهل كان القرار على هذا المستوى الوطنى العالى ؟!!)

(من التقرير الإسرائيلى)

نشر موقع "يديعوت أحرونوت " (9/10/2006)، تقريرا حول أوضاع النظام والاقتصاد والسياسة في مصر، بعد مرور 25 عاما على مقتل السادات، من خلال مقابلة مع سفيرين إسرائيليين سابقين لدى القاهرة، إيلي شاكيد وتسفي مزال. وبحسب التقرير فإن مصر فقدت مكانتها كدولة رائدة في العالم العربي، وحتى في أفريقيا، وباتت الأوضاع الاقتصادية فيها سيئة جداً، والعلاقات مع إسرائيل في مكانها، في حين أن العلاقات مع واشنطن متأزمة، انحلال في الجهاز السياسي، والإسلام الراديكالي في تصاعد، وخلال ربع قرن لم يسجل للقاهرة أي إنجاز في أي مجال.

ويتابع مزال، مبارك لم ينجح بتطوير مصر وإخراجها من الفقر، ولم ينجح في بناء صناعات جدية، ولم يساهم بتطوير الجهاز السياسي. والنتيجة انحلال الأحزاب ونمو الإسلام الراديكالي. ويضيف:" نحن بالتأكيد سنصل إلى وضع من عدم الاستقرار يستفيد منه الإسلام الراديكالي".

وبرأيه فإن مصر في هذه المرحلة لا تستطيع الإستجابة لاحتياجات السكان المتزايدة، وهناك سباق بين "مخاطر صعود القوى المتطرفة، وبين احتمالات أن تتجاوز مصر ذلك وتنتعش مرة أخرى".

ويضيف:"في هذه المرحلة، لا أرى محاولات انقلاب في الأفق، فالجيش وأجهزة الأمن موالون للنظام العلماني، ولكن إذا لم يتحسن الوضع الإقتصادي، فإن مصر سوف تغرق في وضع أسوأ".

(من تقرير المخابرات المركزية الأمريكية لعام 2020م)

إذا كانت الحكومات العربية قد استطاعت كبح جماح الإسلاميين السياسيين في تسعينيات القرن العشرين -كما يشير المجلس القومي- فإنها لن تستطيع فعل ذلك عام 2020. فهي إن ظلت سلطوية، فستعاني من ضغوط المقرطة؛ وهي إن صارت ديمقراطيات مبتدئة وضعيفة، فستعاني من نقص القدرات اللازمة على التطور والتعايش في ظل التحديات. ومن المتوقع أن يقل وازع المقرطة بحلول عام 2020، كما يتنبأ المجلس القومي للاستخبارات. فمن المفترض أن تأخذ المقرطة طريقها في الانحسار، خاصة في الجمهوريات السابقة للاتحاد السوفيتي السابق وفي جنوب شرق آسيا. إلا أنه من المتوقع على الوجه المناقض، أن تبدأ المقرطة في الازدهار بالدول الرئيسية في الشرق الأوسط التي حرمت عنوة، طيلة العقود الماضية، من خوض التجربة الديمقراطية. وأخيرا، فإنه من المتوقع أن تستمر الدول النووية في استعراض قدراتها النووية، وفي تطوير الآليات اللازمة لضمان بقاء قوتها النووية الرادعة؛ وهو ما سيهدد بمخاطر عديدة، منها: الانتقاص من مصداقية الجهود الدولية لمنع انتشار الأسلحة النووية؛ وتغير محتمل في توازن القوى؛ وإمكانية تصعيد الصراعات التقليدية إلى صراعات نووية. ومما سيزيد الطين بلة، اتجاه الدول غير النووية -خاصة في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا- إلى الحصول على النووي، حينما يتضح لها أن الدول المجاورة العدوة قد حصلت منذ زمن على تلك القوة الرادعة. وساعتها لن تأخذ الدول غير النووية وقتا طويلا لتنمية قدراتها النووية، إذ ستجد المساعدات والإعانات من دول لسيت بقليلة، بل ومن جماعات وأفراد.

هل تجدونى قد خرجت عن السياق وأنا أستعرض سطور من تقارير هؤلاء الذين صاروا لحكامنا فقط حلفاء استرتيجيين !! كى أختم بها ملف النووى الذى جانا بعد أنهيار كل الأسس التى يمكن أن تكون بنية أساسية للدخول فى عصور عالم المعرفة ؟ وبعد أن شمت فينا العدو والحبيب وبعد أن فقدنا حتى بنية أساسية يمكن لها أن تبتلع مياه الأمطار إذا سقطت 24 ساعة كاملة وبعد أن عجزنا عن التخلص من نفايات العيش والفول والصرف الصحى هل يمكن لحكامنا أن يتحدثوا عن التخلص من النفايات النووية ؟!!

كنت حريصا عند فتح هذا الملف ألا يتملكنى هوى بل كتبت ما رصدته مؤسسات مصرية تتبع الحكام مباشرة حتى نقيم جدية الإعلان الذى رفعه حزب خرب مصر وكان عهدهم هو بحق عهد الكوارث والمصائب ورغم ذلك ربنا يخيب ظنى ويفسد استدلالاتى وياخد مجلس الشورى باللى فيه ويطلع الكلام النووى جد فى جد !!

"فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمرى إلى الله إن الله بصير بالعباد"

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق