هل وجدت الديمقراطية لغير الإسلاميين ؟(1 & 2) ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 19 - 6 - 2007

أحداث غزة المؤسفة بين الفلسطينيين تمثل نجاحا للرغبة الأمريكية والصهيونية المسيطرة على المنطقة العربية فى إثارة الفتن وتشويه صورة الإسلاميين وجرهم الى مستنقع الصراع الوطنى بعيدا عن العدو الحقيقى وهو هدف مطلوب تحقيقه فى كل الدول العربية والإسلامية والذى يساعد على نجاحه للأسف هم العرب والمسلمون خاصة حكامهم الذين رضخوا للمشيئة الأمريكية وسلموا كل أوراقهم للحالمين بالإمبراطورية الأمريكية ! فانهار خط الدفاع الأول عن الأمة ومشروعها عندما نفذ الحكام ومن حولهم من الطامحين المستسلمين إرادة أصحاب المشروع الصهيونى الأمريكى فى حصار شعوبهم واضعاف قوتهم وقدرتهم على الصمود وكانت تجربة حماس التى لجأت للعمل السياسى والقبول بقواعد اللعبة الديمقراطية بجانب اصرارها على الدفاع عن الشعب الفلسطينى ضد الهمجية الصهيونية التى لا ترتدع إلا بالقوة فى غياب الدعم العربى والإسلامى الذى يحمى الشعب الفلسطينى ويردع الإعتداءات الإسرائيلية عليه ! ولم يستثمر أحد هذه الفرصة للوصول الى حلول تخمد نار الصراع المستمر منذ عشرات السنين ولو مؤقتا بل تقرر فرض الحصار وشارك فيه الجميع حتى مصر التى لم يلتق رئيسها بأحد من وزراء حماس فى الوقت الذى التقى فيه مع شخصية مثل دحلان العميل فى السلطة الفلسطينية والرجل القوى لأمريكا الذى نفذ مخطط المخابرات الأمريكية بتصفية قادة حماس -كما اعترف بذلك الجنرال كيث دايتون مسئول الإتصال العسكرى الأمريكى المقيم فى اسرائيل – والشخصية الأهم بالنسبة لهم حتى من أبومازن الذى احترق! ورغم كل الإتفاقات والقسم عليها ورغم كل تنازلات حماس التى شهد لها كل العالم إلا أن الإعتداءات والخلل الأمنى استمر على أيد دحلان وبمباركة أبومازن وصمت مصر والأردن والعرب حتى اضطرت حماس للدفاع عن نفسها من القتل المستمر للعلماء والمجاهدين !! ورغم أنى على المستوى الشخصى وبالمتابعة القريبة من الأحداث أثمن قرار انهاء حالة الفلتان الأمنى الذى تسبب فيه تيار فتح العميل حسمه عسكريا إلا أننى أرى خطأ بعض التصرفات التى ماكان ينبغى أن تقع فيها حماس مثل تنفيذ حكم الإعدام على أحد العملاء - الذين استحلوا الدماء الفلسطينية ونهبوا وسرقوا الشعب الفلسطينى ورغم كثرة ضحاياه - بناء على فتوى وكان من الواجب محاكمته بالقانون أمام محاكم قضائية تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه أو تبرير ما فعله وهكذا تتصرف الأنظمة والدول !! دون أن تقع حماس فيما وقع فيه تيار الخيانة فى فتح من استباحة الدماء والأعراض ! ما أريد أن أصل اليه هو أن أبو مازن وهو يمثل الفصيل المتعاون مع أعداء الأمة دون أن يحقق أى نتائج ايجابية وأكثر من عشر سنوات وهو فى السلطة بعيدا عن حماس لم ينجز شيئا للشعب الفلسطينى !! وفى ظل تأييد دولى وأقليمى ، ضرب بعرض الحائط قواعد اللعبة الديمقراطية فشكل حكومة باطلة قانونا طبقا لقوانين السلطة الفلسطينية نفسها وأهمل المجلس التشريعى الذى تحوز حماس على أغلبيته وأهدر الحقائق التى يعلمها عن التيار الخيانى كما فعلت مصر بعد أن اطلعها الوفد الفلسطينى من حماس بالصوت والصورة على أدلة الخيانة من جانب تيار فتح فى غزة !! مما يطرح سؤالا مهما هل إذا قبل الإسلاميون قواعد اللعبة الديمقراطية فهل تقبلهم اللعبة نفسها؟!! أم أنها نشأت بعيدة عنهم ولا أمل لهم فى الحياة فى ظلها ؟!! هنا تقفز أمام عينى الحكومات الإسلامية التى جاءت الى السلطة – بغض النظر عن صوابها أو خطأها وبعيدا عن كيفية وصولها – إلا أنهم رغم نجاحهم النسبى فى انجاز شيئا ما تحتاجه شعوبهم قد صاروا عبئا لابد من التخلص منه فى تركيا وأفغانستان والسودان والجزائر والصومال وغيرهم

ان نجاح حماس و الإخوان فى مصر فى كسب ثقة الشعب دون تزوير فى فلسطين وبعد التزوير المزمن فى مصر قد أثار الغبار فى وجه السياسة الأمريكية التى صرحت فقط برغبتها فى تحقيق الديمقراطية فى الشرق الأوسط ومن ذلك ما قاله ارييل كوهين الباحث في "مؤسسة هيريتج" وهي مركز دراسات محافظ يؤيد السياسة الخارجية لبوش ويوصف المركز بأنه "منجم " أساسي لإنتاج الخطط الإستراتيجية لتيار المحافظين الجدد، ان الدرس المستفاد من فوز حماس هو أن عملية نشر الديمقراطية يجب أن يتم إبطاؤها وإضفاء صبغة واقعية عليها إضافة إلى اعتبارها عملية طويلة المدى. وقالت صحيفة "فيننشال تايمز" البريطانية الاثنين 13-2-2006 إن "فيضا من التقارير الاستخباراتية والدراسات الاستراتيجية بدأت تنهال على إدارة الرئيس بوش طالبة منه

بإلحاح التراجع عن جهود نشر الديمقراطية في المنطقة العربية والتريّث في الأمر ، وذلك فور صعود حماس على اثر الانتخابات الأخيرة ".

وأضافت الصحيفة أن "بوش وكبار معاونيه من المحافظين الجدد قرّروا الاستجابة إلى هذه الدعوات سريعا وإدخال تغيير في السياسة الأمريكية في المنطقة يركّز على مزيد التنسيق مع الحكومات القائمة في جهود مكافحة الإرهاب، مع التريّث بشأن مسألة دعوات الإصلاح السياسي".

وقدمت "فيننشال تايمز " في تقريرها "مثالا" رأته يمثّل "دليلا" على "تراجع كلّي حصل فعلا لأمريكا في الأسابيع الأخيرة عن دعوتها السابقة لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط " وهو "مثال القرار الأمريكي بزيادة

المعونات العسكرية الأمريكية لحكومة القاهرة في الموازنة المالية الأمريكية لعام 2007 إلى سقف عال جدا".

وقالت الصحيفة "إن هذا القرار الجديد يأتي متناقضا تماما مع انتقادات أمريكية سابقة بما وصفته بخروقات مصرية كبيرة في الانتخابات التشريعية وتأجيل الإصلاح السياسي الشامل". وأضافت أن في مقدمة الذين دعوا الرئيس بوش إلى التراجع عن دعوات "نشر الديمقراطية " الباحث اليهودي الأمريكي اريال كوهين الذي وصف صعود حماس بـ "الحدث الكارثي" قائلا "انّه على السياسة الأمريكية أن تعدّل فورا موقفها تماما بعده من مسألة نشر الديمقراطية في المنطقة".

فى تركيا

نجح أربكان فى تحقيق انجاز لا يتناسب مع المدة التى استمر فيها فى السلطة و"عندما قبل الجيش أن يشكل أربكان الحكومة.. كان يطمح أن يسجل أربكان بيده إنهاء التجربة السياسية الإسلامية..وأربكان براغماتي من الطراز الأول.. ولكنه لا يساوم على المبادئ منذ الأيام الأولى لتسلمه السلطة..أعلن أربكان عدة قضايا اقتصادية(والاقتصاد أكثر ما يشغل بال الأتراك..فالمادية استقرت في نفوسهم) منها إيقاف الاقتراض من الداخل والخارج..تسديد أكبر قسط من الدين الداخلي الذي كان يرهق الاقتصاد.. رفع رواتب جميع الموظفين والجيش والمتقاعدين بنسبة تتراوح بين 50 – 70 %. ومنها إيقاف الضرائب ومحاربة الفساد وتوفير 30 مليار دولار من إيقافه. ومنها إيقاف الضرائب لأي سبب كان..

هذه الإجراءات جعلت الجميع (رجال المال ورجال الإقتصاد والبورصة والموظف والعامل) يشيد بتجربة أربكان الاقتصادية. ومنذ الأيام الأولى لحكومة أربكان..وضع شعار حزبه (تركيا جديدة..وعالم جديد) موضع التنفيذ.. كان يريد إنقاذ تركيا من كونها دولة بلا هوية..يستخدمها الغرب لقضاء مصالحه..إلى دولة تفهم دورها..وتتمسك بهويتها وتاريخها وأصالتها..فأعلن عن تشكيل المجموعة الثمانية الاقتصادية..التي مهّد لها بسلسلة زيارات إلى إيران وباكستان واندونيسيا ومصر ونيجيريا وبنغلاديش وماليزيا.. وفي 15 يونيو 1997 عقد في استانبول اللقاء التأسيسي للمجموعة الاقتصادية لأكبر ثمان دول إسلامية يزيد عدد سكانها عن 800 مليون نسمة. وبدأت الصفقات الاقتصادية..أولها مع إيران بمبلغ 30 مليار دولار.. كانت المجموعة خطوة للحوار مع الغرب..الذي ينظر للإسلام نظرة دونية وينظر للمسلمين نظرة استعلاء واستصغار. وقد اتخذ الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة العلمانية في تركيا أشكالاً متعددة، اتخذ خلالها العلمانيون سلاح القانون وسلطة الدولة وقوة الجيش لمحاربة الإسلام، وقاوم الإسلاميون هذه الأمور بالانحناء للعاصفة تارة، ومواجهتها تارة أخرى، والتحايل عليها والالتفاف حولها أوقاتًا كثيرة، ولكن في إطار سلمي بعيدا عن العنف ، ولقد سجل الأمريكان في كتاب لهم صدر بعنوان (أمريكا والإسلام السياسي).. قضية إسقاط حكومة أربكان جاء فيه: (إن اربكان رجل منطقي.. تحاوره فيحسن الاستماع إليك.. ويحاورك فيقدم لك آراء سديدة.. ومع ذلك فقد كان لابد من التدخل لإسقاط حكومته لأسباب ثلاث: السبب الأول- تحسينه للاقتصاد.. بدون الاعتماد على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبدون الاقتراض من أمريكا.. وهذه مشكلة في حسابات المستقبل. السبب الثاني- هو إنشاء المجموعة الاقتصادية الثمانية بزعامة تركيا.. وهي خطوة نشاز بالنسبة للنظام العالمي الجديد الذي تقوده أمريكا لاستغلال العالم لمصلحتها. والسبب الثالث- هو أن اربكان رجل أصولي.. على صلة وثيقة مع الحركات الأصولية في المنطقة.. هذه هي الأسباب الحقيقية لتآمر القوى النافذة داخل تركيا وخارجها لإسقاط حكومة اربكان.. ومن ثم حلّ حزب الرفاه.. ومن ثم الحكم على أربكان بإبعاده عن العمل السياسي لمدة خمس سنوات.." مصطفى الطحان –مركز الشرق العربى.

فى افغانستان

نشأت طالبان التى تبنت توجهات المدرسة الديوبندية، المعروفة بموقفها المتشددة وآرائها التي تجنح نحو التزمّت والانغلاق، بالمقارنة مع غيرها من المدارس الإسلامية، وهو ما انعكس على أسلوب طالبان في الحكم بشكل مباشر.

وفي البدء ارتبطت سلطة طالبان باستعادة النظام وتحقيق الأمن للمواطنين، عبر تقويض نفوذ قطاع الطرق والعصابات المسلحة المتناحرة، ومكافحة إنتاج المخدرات وتهريبها، والأهم هو إنهاء سنوات من الصراع الضاري في العاصمة كابول وعدد من المناطق الأخرى في البلاد بين الفصائل الأفغانية المتناحر

وبقيت المعضلة التي يواجهها طالبان في المواجهة المستمرة مع تحالف قوى الشمال، وفي العزلة الدولية، إذ أنّ ثلاث دول فقط اعترفت بدولتهم، هي باكستان والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. كما كان هناك اعتراف متبادل بين طالبان وجمهورية الشيشان التي تقاوم قيادتها اجتياح القوات الروسية منذ عام 1999 م. وخسرت طالبان علاقاتها الدبلوماسية مع الرياض وأبوظبي في ظل الأزمة الراهنة، بينما باتت علاقاتها مع إسلام آباد في مهب الريح.

وقد اشتكى قادة طالبان بالمقابل من تجاهل المجتمع الدولي لحكمهم، سواء على الصعيد الدبلوماسي أو على مستوى المساعدات التي لا مفرّ من الاستغناء عنها بالنسبة لبلد يفتقر إلى الموارد الاقتصادية الكافية، ويحتاج إلى إمكانات هائلة للمباشرة في إعادة إعمار ما خلّفه ربع قرن من الحروب الطاحنة.

ولكنّ مساعي طالبان للحصول على الاعتراف الدبلوماسي في العالم تبددت في 14 نوفمبر 1999 م، أي عندما دخلت العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي على أفغانستان حيز التنفيذ. وعندما زارهم الشيخ القرضاوى ضمن وفد يعيد ترتيب الأولويات فى أذهان قادة طالبان عاد يقول " زارها قوم لا يقبلو الحوار ولا التفاوض وكانهم من كوكب اخر ولا يعرفون الواقع ولا أي درايه عنه"

ثم جاءت أحداث سبتمبر 2001 لتصبح افغانستان الهدف الأول للتحالف الغربى التى تقوده أمريكا ضد الإرهاب كما يحلو لها أن تتدعى وسقطت طالبان بكل أخطائها و نجاحاتها التى يمكن أن تحسب لها ولم يتركوا للخيار الديمقراطى الفرصة كى ينبذ طالبان ويرفض منهجها المتشدد فى الحكم ولكن النظام العالمى اختار فلماذا يتركوا الفرصة للشعب الأفغانى أن يختار ؟!!!

فى الصومال

كان النجاح المفاجئ لاتحاد المحاكم الاسلامية في السيطرة على اغلب الاراضي الصومالية في مواجهه تحالف مكافحة الارهاب وامراء الحرب -المدعوم امريكيا - وبشكل هدد المعقل الاخير للحكومة الصومالية الانتقالية في مدينة بيدوة ، وتزامن ذلك مع سعي المحاكم الاسلامية في الحصول على الشرعية الدولية والاقليمية لتعيد الاعتبار الى عملية اعادة بناء الدولة الصومالية وقد اثار ذلك التطور العديد من التساؤلات حول ما اذا كان ذلك سيشمل فقط اراضي جنوب الصومال في مواجهه امراء الحرب ام من الممكن ان يكون لها انعكاس على كل ارجاء الصومال قبل عام 1991، و لماذا هذا النجاح المفاجئ للمحاكم الاسلامية وماهي فرص وتحديات دعمها للاستقرار والامن داخل الدولة المنهارة وماهو دور القوى الاقليمية والدولية ؟

ادت الوفرة النفطية ودور الجاليات الصومالية في الخارج حيث يعد الشعب الصومالي من اكثرالشعوب هجرة الى الخارج ، وساهمت تلك الجاليات في دعم اهلهم في الصومال ماليا والذي تم استغلالة في شراء السلاح والعتاد في ايدي المحاكم الاسلامية وذلك في مواجهه امراء الحرب الذين تم النظر اليهم باعتبارهم خونة وعملاء للولايات المتحدة ، وتم ذلك في غفلة من المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة والتي تناست الصومال الا في دعم امراء الحرب وانشغالها بملفات اخرى كالحرب على الارهاب والعراق .وربما كان الهجوم على سفارتيها في شرق افريقيا بداية الانتباه مرة اخرى الى اهمية تلك المنطقة في اطار ما يسمي بالحرب على الارهاب . قامت المحاكم الاسلامية باعتبارها الاكثر تنظيما ومصداقية لدى الشعب الصومالي في الحصول على المساعدات الانسانية والاغاثية التي تاتي من دول العالم الاسلامي خاصة دول الخليج ورجال الأعمال العرب ، وساهمت في تحقيق العدالة في توزيع تلك المساعدات بالتساوي بين الشعب الصومالي

ويقول الأستاذ عادل عبد الصادق الباحث فى الأهرام الإستراتيجى موضحا ما حدث للمحاكم بعد أن نعمت الصومال بالوحدة والأمن فى ظل سيطرتها على الوضع الأمنى بعد غياب طويل " وقد اضفى الطابع الشعبوي للمحاكم الاسلامية قوة اكبر في مواجهه خصومها في الداخل وكذلك قوة تفاوضية مع القوى الخارجية المناهضة لها - مبدئيا- كالولايات المتحدة واثيوبيا . والذين راوا في صعود المحاكم الاسلامية بداية لتنامي الاصولية الدينية في القرن الافريقي مما يشكل تربة خصبة لتنظيم القاعدة خاصة مع امتداد القبائل الصومالية الى داخل الاراضي الاثيوبية ودعم المحاكم المحتمل للاتحاد الصومالي الاسلامي في اثيوبيا حيث المخاوف من احياء الصومال الكبير الذي يضم اقليم اوجادين الاثيوبي بزعامة جبهة الاورومو المتمردة والتي تنضال من اجل حقوقها منذ عام 1974 . فان لم يكن المحرك الاساسي للقوى الدولية هو ذلك الهاجس الامني فان ما يحركها كذلك هو الدوافع الاقتصادية ، فمسأله غلبة فصيل صومالي على اخر بقوه المحاكم الاسلامية من شأنه دعم الاستقرار ومن ثم اتاحة الفرص امام القوى الدولية في استثمار الموارد الطبيعية الغنية بها اراض الصومال خاصة احتياطيات البترول المتوقعه"

وما حدث فى الجزائر لايحتاج لإعادة سرد منعا للإطالة .

ولكن هل ما حدث ومازال يحدث من حرمان العرب والمسلمين من خيارهم الديمقراطى كلما اقترب من خلاله الإسلاميون للحكم يجيب على السؤال الذى طرحته من أن المنتج الأجنبى رغم مشاع امتلاكه لا يسمح به لغير أصحابه ؟

لعل من المفيد إعادة طرح السؤال والإجابة عليه بكلمات بحثية للأستاذ نور الدين العويديدى فى مقال له على موقع اسلام اونلاين

" لقد جرى تنميط القوى الإسلامية المختلفة، وأقيمت قراءة غيبية في نيات قادتها، وتأويل استعدادها للمشاركة في العملية الانتخابية في مختلف الأقطار التي توجد فيها، باعتبارها مجرد وسيلة للوصول إلى السلطة. ومن ثَمّ صدرت أحكام قاطعة، اعتمادًا على تلك القراءة في النوايا بأن هذه الحركات ستعمد إلى إلغاء العملية الانتخابية، وستتشبث بالبقاء في الحكم بالقوة بعد الوصول إليه بالانتخاب، وأنها ستلغي المعارضة، وستفرض حكمًا دينيًّا ثيوقراطيًّا، واستبدادًا مدعومًا بالدين هو أخطر من أنواع الاستبداد الأخرى كافة، باعتبار أنه سيكون محروسًا بالمقدس، وقائمًا على أسس لا تقبل الجدال والنقاش بحسب تلك القراءة.

وكانت الخلاصة النظرية والعملية لهذه القراءة في النيات ولهذه الأحكام هي التأكيد على ضرورة إقصاء التيار الإسلامي من الحياة السياسية، وحرمانه من العمل العلني والقانوني، ومنعه من المشاركة في العملية الانتخابية؛ حتى لا تتكرر تجربة الجزائر من جديد.

وبالرغم من أن هذا الموقف لم يجد تجسيده الكامل سوى في بعض الدول العربية؛ إذ سمح للتيار الإسلامي بالعمل القانوني والمشاركة في الانتخابات، بل حتى المشاركة في السلطة لفترة محدودة في دول، مثل: الأردن، واليمن، والكويت، وتركيا، والمغرب، ولبنان، فإن خيار الإقصاء كان هو الخيار الأكثر اتساعًا، وكانت له نتائج مدمِّرة في بعض البلاد العربية، وعلى رأسها الجزائر التي لا تزال تعاني من حرب دامية بين السلطة وبعض القوى الإسلامية المسلحة.

إن العديد من هؤلاء الباحثين يقيمون تلازمًا حتميًّا بين العلمانية والديمقراطية، ويعتبرون العلمانية شرطًا للديمقراطية، وتراهم يتحدثون عن التيار العلماني باعتباره تيارًا ديمقراطيًّا بالضرورة وبالتعريف؛ مغفلين أن العلمانية في أوروبا لم تكن في يوم من الأيام قرينًا ملازمًا للديمقراطية، فقد عرفت أوروبا تجارب علمانية فاشية ونازية وشيوعية، وهو ما يعني أن العلمانية لا تجلب وراءها الديمقراطية بالضرورة."

إذا هل لابد أن أكون علمانيا حتى أنعم بحريتى واستمتع بحقوقى التى منحها الله لى ؟!!

يبدو أن الإجابة للأسف ستظل نعم طالما حكمنا مثل هؤلاء المستسلمون

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق