إنشغلوا بالإنجاز وأهملوا الإنقاذ !!

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 25 - 2 - 2006

لقد تأكد للمواطن المصرى العادى الذى أراح دماغه عن متابعة الأداء الحكومى وفضل أكل العيش بأى صورة كانت طوال السنوات الماضية يأسا أو خوفا أو طمعا, تأكد له أن الفشل يلاحق النظام فقد فشل فى إدارة كل الأزمات التى واجهته والتى تؤثر على حياة ومعيشة المصريين وربما نجح عندما استعمل العنف بشراسة وبلا قيود وهو يحافظ على سلطانه ضد موجة العنف التى اجتاحت مصر فى فترة الثمانينات والتسعينات فالمسألة هنا حياة أو موت ولا إحتمال للفشل حتى لو الثمن ثلث الشعب المصرى كما أعلن زكى بدر وزير الداخلية وقتها !! ولعل ذلك اتضح فى أزمتين : الأولى فى كون أداء الحكومة بعد غرق العبارة وغرق أكثر من ألف مواطن مصرى بمثل هذه السهولة والإستهتار له دليل دامغ على حتمية محاكمة هؤلاء الذين سمحوا لأنفسهم أن يتولوا مسئولية الحياة فى مصر دون صلاحيات فكانوا سكرتارية وأقل من ذلك مع من نهبوا الوطن على مدار ثلاثين عاما دون أدنى إحساس بالهم والغم الذى يحياه أصحاب الوطن الحقيقيين, لقد تلخصت صورة المأساه فى الآتى.... إهمال وفساد فى شراء عبارات منتهية الصلاحية من أوروبا ليفرح بها الغلابة فى مصر ...... فساد استشرى فأجاز صلاحية العبارات طالما كان أصحابها من كبار المسئولين المؤتمنين على حياة الشعب المصرى وهم أدرى بإحتياجاته!!...... احتكار لخطوط ملاحية حتى تزداد أرباح الشركاء بأى ثمن وأى شكل !!..... غرق العبارة فى صمت كأنها فى القطب الجنوبى وليست فى بحيرة عربية ! بينما القاهرة تسهر بل ومصر كلها مع كرة القدم لعلها تعيد البريق الذى اختفى لملاك مصر !!... فشل فى إدارة الأزمة وإضطراب واضح والهدف حماية المالك المعروف وستر شركائه دون أى إجراءات إحترازية دائما تتخذ ضد المعارضين لنظام الحكم (من رفع حصانة او منع من السفر أو ضبط مستندات فى حوزة الشركة المالكة أو أو )!! ..... وأخيرا إهانة أقارب الضحايا الذين لايعرفون عن مصير ذويهم شيئا حتى إنتهى الأمر بدفن أكثر من ستين جثة لركاب العبارة وأسماؤهم معروفة لدى الموانى ورغم تشوه الجثث إلا أن الـ DNA يمكن عن طريقه معرفة أصحابها وكل الأهالى فى مصر لم تؤخذ من أحدهم عينة واحدة من أجل التعرف على ذويهم فى الوقت الذى تنفق مصر الآلاف والملايين حول تحليل الـ DNA للتعرف على جثث وموميات الفراعيين فى مصر القديمة ولاشك أن هذه سياسات فراعين أيضا يبحثون عن أجدادهم ويهملون أبناء وطنهم الغرقى المكلومين المفقودين وربما سننتظر ثلاثة آلاف عام حتى يأتى من ينتشل الجثث أو يفتح المقبرة الجماعية لضحايا العبارة لمعرفة أصحابها بتقنية أكثر حداثة وعلى المتضرر اللجوء الى الله !!!!...... والسؤال هنا هل هذا الإهمال سيترجم إلى أموال وتعويضات سوف يحرم منها أولئك الذين سيتم التعرف عليهم بعد 3000 عام رغم أن أصحاب العبارة سيقبضون تعويضاتهم التأمينية فورا دون إنتظار أم أن الأمر يدبر بليل كما هى عادة الأنظمة المستبدة ؟!!!

أما الأزمة الثانية والتى أفتعلت وتضخمت كما يقولون لتغطى على فضيحة غرق العبارة وتزامنها مع أفراح كأس أفريقيا مما أساء لفراعنة مصر وفضح موقفهم الحقيقى وشعورهم نحو المصريين فقد انشغلوا بالإنجاز وأهملوا الإنقاذ !!! لأن الأول يصب فى مصالحهم أما الثانى فيخدم مصالح الشعب المكلوم فى أبنائه !! تلك هى أنفلونزا الطيور ! هل تتذكرون الفرة التى تأتى على كل الدواجن فى مواسم منذ أكثر من مائة عام هذه هى H5N1 والمعروفة الآن بأنفلونزا الطيور والتى أثارت العالم بفعل الميديا الأمريكية لغرض فى نفس رامسفيلد وبوش وتشينى وهنا تتكرر نفس المصالح مع الكبار لافرق بين مصرى وأمريكى وطبقا لسياسة نفعنى وأنفعك فقد قدمت الحكومة المصرية خدمة العمر لأصدقائها فى الإدارة الأمريكية التى تمنح صكوك تأمين الحياة لحكام العالم وفى الأزمتين كان المصريون هم الضحايا غرقا بأجسادهم وحرقا لقلوبهم بعد الخسائر المهولة التى طالت حتى الحاجة مستورة التى كانت تربى فرختين فى بيتها تاكل واحدة وتبيع الثانية وتلخصت المأساة فى أن محافظة البحيرة على سبيل المثال ثبت أن بها حالة واحدة طبقا لتقرير واحد من ثلاثة (المعمل المرجعى-الفاو-النامرو) ورغم ذلك تحطمت ثروات الجميع أصحاب مزارع تجار طيور وأهالى ومستهلكين فهل هذا يعقل من أجل حالة واحدة فقط زينت إحصائيات وزارة الزراعة !! وحتى ندرك حجم المؤامرة التى شاركت فيها الحكومة التي أشاعت الفزع والرعب بين المصريين لخدمة أهداف سياسية قصيرة النظر يكفى أن نعلم أن مكسب السيد رامسفيلد من أصول سندات شرك جاليد 720% خلال 4 سنوات وأن مكسب الشركة نفسها التى تحتكر صناعة الدواء البشرى لمرض لايصيب الإنسان إلا نادرا بلغ 56% منذ بدء الحديث عن إنفلونزا الطيور !!!!!

يارب قد فاض الكيل وقارب الصبر على النفاد وامتلأ القلب غما وكمدا وتوترت الأعصاب واكتأبت النفوس وصار المصلحون الصامدون فى احتياج لتوفيق منك يارب ونوبة صحيان من الشعب وصدق من أصحاب الكلمة الحرة تتوحد فيها الصفوف لكسر حواجز الخوف وإنهاء سيطرة نظام بال أفقد المصريون كرامتهم وسط الأمم وانتماءهم داخل الوطن .




g.hishmat@gmail.com


إضافة تعليق