أوقفوا بيع مصر هذه . . . . .! ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 12 - 6 - 2007

لقد باع من لايملك وطنا لمن لا يستحق تلك هى خلاصة ما يجرى على أرض مصر اليوم منذ أن بدأت سياسة الخصخصة المنفلتة وسيطرت فكرة الارتماء في حضن أمريكا وتغلبت رؤية الإنسحاب من مواجهة الصهاينة بمعاهدة كامب ديفيد المشئومة ! فماذا تقول الأخبار هنا وهناك

" خبر من سطور معدودة، لكنه يكشف عن حقيقة الكارثة التي نعيشها هذه الأيام.. الخبر الذي نشرته صحيفة “الأهرام” يقول: إنه في إطار خطة وزارة الاستثمار لإدارة الأصول المملوكة للدولة تم توقيع عقد بيع فندق آمون أسوان بين الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق “إيجوث” وشركة أوراسكوم هولدنج للفنادق التي يترأسها رجل الأعمال سميح ساويرس.

أما الأخطر في كل ذلك فهو أن سعر بيع الفندق لم يتجاوز مبلغ 15 مليون جنيه مع منح حق الانتفاع بكامل مساحة أرض الفندق البالغة 11 ألفا و27 مترا مربعا لمدة 35 عاما تجدد تلقائيا لمدة مماثلة.

ويعد فندق آمون واحدا من أقدم الفنادق المصرية المتميزة ويقع علي جزيرة في وسط النيل بمواجهة فندق كتراكت، حيث الجو الساحر الذي تتميز به هذه البقعة الرائعة من مدينة أسوان...

وهو ليس فندقا عاديا، فامتداداته مترامية وحمام السباحة الرئيسي به تم بناؤه علي أعماق متعددة، ناهيك عن امتلاكه لعدد كبير من المحلات الجانبية التي يجري تأجيرها لكبار التجار.

وتحيط بالفندق أشجار وحدائق تم إعدادها بعناية وتستطيع أن تتجول فيها لفترة طويلة بينما تحيط بك مياه النيل من كل اتجاه.

وتكملة الخبر توضح لمن تباع مصر فقد كان السيد سميح ساويرس هو من اشتري الفندق بكل ما فيه فقط ب 15 مليون جنيه وأنه حصل إلي جوار ذلك علي حق الانتفاع بكامل مساحة أرض الفندق التي تتجاوز الأحد عشر ألف متر لمدة 35 عاما تجدد تلقائيا لمدة مماثلة.

والعجيب أن المعلوم عن الفندق الذي تمتلكه شركة “إيجوث” لم يكن يسبب خسارة للدولة بل بالعكس فقد تم تأجير الفندق لإحدي الشركات بقيمة 2 مليون جنيه سنويا كانت تدخل إلي خزينة الدولة.

أى أن دخل سبع سنوات ونصف السنة يعني ثمن الفندق الذي بيع به؟ تلك هى سياسة الخصخصة !!.

وما حدث لفندق آمون ، حدث من قبله لفندق ميريديان حيث بيع المبني بالأرض المترامية الأطراف في النيل فقط ب 75 مليون دولار لرجل الأعمال السعودي عبد العزيز الإبراهيمي، مع أن الفندق ذاته كان يدخل سنويا أرباحا من 40 * 60 مليون دولار للدولة * أي أن الفندق بيع بأرباح عام ونصف العام فقط، وها أنتم ترون الآن كيف جرت الاستفادة بالأرض وأقيم هذا المبني الشاهق للفندق الجديد الذي أطلق عليه “حياة ريجنسي”.

إن المعلومات تشير إلي أن أرباح هذا الفندق الآن تتعدي ال 100 مليون دولار بكثير سنويا، وقد كان بإمكان الدولة أن تحقق هذا الربح لخزانتها بشكل سنوي لكن لماذا تم التنازل عنها ولمصلحة من وما المقابل !!؟ تلك هى الخصخصة

أما فندق سونستا بمدينة نصر فقد تم بيعه إلي رجل الأعمال رءوف غبور بثمانية ملايين جنيه مع أن الأرض التي يقام عليها الفندق تساوي حسب تقديرات الخبراء 24 مليون جنيه بخلاف المبني الضخم القديم عليها وشيراتون الغردقة بيع ب 24 مليون دولار رغم أنه يكسب سنويا ما يقارب هذا المبلغ، وقس علي ذلك كثيرا

وقد شهد عام 2006 تنفيذ أكبر ثلاث عمليات بيع فى تاريخ برنامج الخصخصة وهى أرض سيدى عبدالرحمن والتى تم بيعها لشركة إعمار مصر بقيمة قدرها 4.1 مليار جنيه، أما العملية الثانية فهى بيع بنك الإسكندرية لبنك سان باولو الإيطالى بقيمة 11 مليار جنيه بعد لغط كثير وتحفظ الكثيرين من الخبراء والمتخصصين على هذه الصفقة، أما العملية الثالثة فهى بيع شركة عمر أفندى لشركة أنوال السعودية بمبلغ 589 مليون جنيه حيث كانت الأخيرة من الصفقات التى أثارت جدلا واسعا بداية من عمليات التقييم التى شابها الكثير من المخالفات ووصف بيع شركة عمر أفندى وقتها بأنها صفقة بتراب الفلوس ثم ظهور شخصية سعيد الحنش المليونير المصرى المقيم فى السعودية وتقدمه بعرض لشراء الشركة بأضعاف المبلغ الذى طرحت به وزارة الاستثمار الشركة للبيع بداية العام الماضى إلى أن استقرت الصفقة فى أيدى شركة أنوال السعودية، كما شهد نفس العام بيع شركة شبين الكوم للغزل وشركة فرتا للورق بقيمة تجاوزت 200 مليون جنيه.

ويشير التقرير السنوى لوزارة الاستثمار عن إدارة الأصول إلى أن حصيلة نصف العام المالى الحالى 2006/2007 تركزت فى حصيلة بيع الحصص فى بنوك القطاع العام لتبلغ 9274 مليون جنيه، ومبلغ حصيلة بيع حصص المال العام فى الشركات المشتركة 1254 مليون جنيه فى حين بلغت حصيلة بيع أراضى قطاع الأعمال العام ب 1254 مليون جنيه."

وتنشر وسائل إعلام النظام بلا حياء خبر البيع الأخير لأراضى كردون القاهرة الذى يمثل السوار المحيط بالعاصمة وهو ما يهدد الأمن القومى المصرى بحق بهذه الصورة:

"‏13,3‏ مليار جنيه حصيلة بيع أراض في مزاد علني

لشركات مصرية وإماراتية وقطرية بالقاهرة الجديدة

مشروعات سكنية تناسب القدرات المالية للمواطنين

تشجيع الاستثمارات العقارية ودفع التنمية بالمدن الجديدة

مزايدة اليوم لبيع‏3‏ قطع بالقاهرة الجديدة وأكتوبر وزايد

في مزاد علني‏,‏ أجرته هيئة المجتمعات العمرانية أمس‏,‏ فازت ثلاث شركات عقارية من مصر والإمارات وقطر بشراء ثلاث قطع أراض بمدينة القاهرة الجديدة بمبلغ‏13,3‏ مليار جنيه‏.‏ وقد تنافست في المزاد تسع شركات للفوز بتلك القطع التي يبلغ مجموع مساحاتها‏3860‏ فدانا‏.‏ وستخصص الأراضي لإقامة مشروعات سكنية تناسب القدرات المالية للمواطنين‏.‏ وتأتي عملية البيع في إطار جهود تشجيع الاستثمارات العقارية‏,‏ ودفع التنمية في المدن الجديدة‏.‏

وسوف تجري اليوم مزايدة جديدة لبيع ثلاث قطع أخري بمدن القاهرة الجديدة‏,‏ والشيخ زايد‏,‏ و6أكتوبر

وقد أسفر مزاد أمس عن فوز شركة رؤيا للاستثمار السياحي‏,‏ وهي شركة مصرية‏,‏ بقطعة أرض مساحتها‏460‏ فدانا بسعر المتر‏1288‏ جنيها بإجمالي مليارين و‏488‏ مليونا و‏907‏ آلاف جنيه‏.‏

كما فازت شركة واماك العقارية‏,‏ وهي شركة إماراتية بالقطعة الثانية ومساحتها‏1500‏ فدان بسعر المتر‏752,5‏ جنيه بإجمالي أربعة مليارات و‏741‏ مليونا و‏686‏ ألف جنيه‏.‏

أما القطعة الثالثة ومساحتها‏1980‏ فدانا‏,‏ فقد فازت بها شركة بروه العقارية وهي شركة قطرية بسعر المتر‏733,5‏ جنيه بإجمالي ستة مليارات ومائة مليون و‏999‏ ألف جنيه‏.‏

وحول المشروع الذي سوف تنفذه الشركة المصرية‏,‏ أكد المهندس هشام شكري رئيس الشركة ـ في تصريحات خاصة لمندوبة الأهرام مايسة السلكاوي ـ أن المشروع سيبدأ تنفيذه علي الفور‏,‏ ويتضمن توفير مختلف مستويات الإسكان‏,‏ خاصة الإسكان المتوسط الذي يخدم شريحة عريضة من المجتمع‏.‏ وقال‏:‏ إنه أجريت دراسة جيدة للسوق المصرية‏,‏ ولذلك ستتم مراعاة أسعار الوحدات السكنية لتتناسب مع القدرات المالية للمواطنين المصريين‏.‏

كما يتضمن المشروع بناء أبراج بارتفاعات‏72‏ مترا تخصص للوحدات الإدارية ومكاتب للشركات‏,‏ وسيتم مراعاة التراث المصري والشخصية المصرية عند البناء‏,‏ ويستغرق المشروع من خمس إلي سبع سنوات‏.‏ وقد أشاد جميع الحاضرين بنزاهة الإجراءات‏,‏ وبالمصداقية والشفافية التي تمت بها‏.‏

وأشرفت علي إجراءات الممارسة لجنة ضمت قيادات وزارة الإسكان‏,‏ ومستشارا بمجلس الدولة‏,‏ وممثلا لوزارة المالية‏,‏ وإدارة الفتوي والتشريع بمجلس الدولة"

هل هذه الأسعار ستوفر وحدات سكنية بأسعار مناسبة كما يدعى الكاذبون !!؟ اسمعوا لرأى المتخصصين:

"المهندس الاستشاري أحمد صادق يؤكد أنه بعد الارتفاع الجنوني لأسعار الأراضي والذي وصل إلي خمسة أضعاف ما كان عليه منذ عامين فقط أدي لانخفاض معدلات البناء ما بين 40 و50%.

ويضيف: ان هذه الارتفاعات الجنونية في أسعار الأراضي بدأت من ستة شهور حين بدأت البيع بالمزادات في المدن الجديدة كالسادس من أكتوبر والشيخ زايد ووصل سعر الأرض في الصحراء إلي 900 جنيه للمتر هذا طبعا قفز بالسعر الي الضعف في المناطق المأهولة كالتي أعمل بها مثل هضبة الأهرام وبالتالي وصل سعر المتر في هذه المنطقة إلي ألف جنيه ثم إلي 1500 ثم إلي ألفي جنيه أي خمسة أضعاف ماكان عليه وبالتالي لم نستطع رفع أسعار الشقق والعقارات بنفس النسبة لأن لذلك تأثير سييء علي سوق الاسكان وعلي العمالة في مجال الاعمار والتي يصل عددها لعدة ملايين.. جزء كبير من هذه العمالة أصبح بلا عمل الآن بعد أن انكمش نشاط البناء إثر ارتفاع أسعار الأراضي.. وهؤلاء منهم النقاشون والسباكون والحدادون وعمال الخرسانة والكهرباء والنجارة فبناء العمارة الواحدة يحتاج لما لا يقل عن 150 عاملاً ومعني توقف نصف عمليات البناء هو بطالة لنصف العمالة الذين قد يتحولون مجبرين للعمل بأنشطة غير قانونية كالسرقة مثلا.. وربما هذا يفسر انتشار عمليات السرقة في المدن الجديدة الآن..

ويقول إن وراء لجوء الوزير لهذا الأسلوب قصة غيرمعلنة وهي أنه أثناء وزارة د.محمد إبراهيم سليمان طلب منه الوزير الحالي المغربي أن يخصص له فيلا في مارينا من ضمن 80 فيلا لوزارة الاسكان هناك إلا أن إبراهيم سليمان رد بأنه لا يوجد وأن جميع الوحدات تم بيعها.. وفوجيء الوزير بعد توليه الوزارة أن هذه الفلل مازالت موجودة بالكامل ولم يتم بيعها فرأي أن يبيعها في المزاد العلني لمن يدفع أكثر وليقضي على التدخلات والوساطة .. وبالفعل نجحت العملية وبيعت هذه الوحدات بأسعار خيالية وبالتالي ارتفعت أسعار الوحدات هناك بشكل لم يحلم به مالكوها.

د.محمود محمد حسين الخبير الاقتصادي ومدير عام بنك الاستثمار العربي يري أن النطاق السعري الذي أدت إليه هذه المزادات وهو من 733 إلي 2005 جنيهات للمتر له تداعيات خطيرة علي أسعار الأراضي والعقارات في باقي المدن والمناطق الأخري ظهرت في صورة قفزات رهيبة في أسعارها وبالتالي زيادة ضخمة في تكلفة الحصول علي مسكن للباحثين عنه من الشباب وأصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة الذين يمثلون السواد الأعظم..وأيضا حدوث ارتفاعات كبيرة في التكلفة الرأسمالية اللازمة لإقامة المشروعات الاستثمارية في مختلف الأنشطة الاقتصادية إضافة لزيادة القيمة الايجارية للعقارات الجديدة القائمة والمنتظرة إقامتها في المستقبل كما ستؤدي إلي ارتفاع معدل العائد المطلوب مع المال المستثمر ومن ثم إمكانية حدوث انخفاضات في أسعار الأوراق المالية.‏.

السؤال الأخير الذى أود طرحه هنا من هم الملاك الحقيقيون لكل هذه الشركات التى اشترت أرض مصر فى غيبة شعبها وفى غيبة ممثليه بل فى غيبة الشرعية التى يدعيها كل من قام بالمهمة غير المقدسة !! مثال واحد أذكر به : فمعروف أن هناك شراكة اقتصادية بين الإسرائيلين والقطريين واكبر قطعة أرض مباعة اشترتها شركة قطرية (1980 فدان) من سيحاصر القاهرة ؟ ومن من هؤلاء المتصرفين فيما لم يملكوا سيكون نصيبه ؟ وكيف سيكتب التاريخ عن هذه الفوضة ومن شارك فيها ؟ ومن من هؤلاء المتفلتين من كل استحقاق عربى واسلامى سيدعى أن الفلسطينين قد باعوا أرضهم وهو يشارك الآن فى بيع مصر وحصار أهم التجمعات السكانية فيها ؟

إن استمرار هذا النظام الفاقد للشرعية الشعبية وفى غياب عقد اجتماعى بينه وبين الشعب يقوم على الرضا لنذير خطر فى ظل البيع المحموم لكل مكتسبات الوطن وكل ثروات الوطن الثابتة بعد أن هربوا خيراتها وثرواتها المتحركة للخارج !! إن الأمر جد خطير فنحن الآن لسنا بصدد مواجهة حزب فاسد أخطأ فى التعاطى مع حق الشعب المصرى وسرق بعض خيراته بل نحن فى مواجهة عصبة ولاؤها للخارج وليس لأبناء الوطن الذن ذاقوا الأمرين على أيديها ، تجرف الثروات وتبيع التراب فى الوقت الذى تحاصر فيه الشرفاء وتشوه صورة المخلصين ولا أعرف ماذا أسمى ذلك ؟هل عندكم اسم يناسب هذا الفجور؟

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق