لن يصلح الله عمل المفسدين ـ محمد جمال حشمت

محمد جمال حشمت : بتاريخ 27 - 8 - 2007

لاشك أننا فى مصر نعانى الآن من آثار نظم حكم فاسدة وصراع الآن يجرى فى رأس الدولة لضعف اعترى هذا النظام وهو ما سمح بأن ينفذ كل من يملك أوراق ضاغطة -أقوى- رؤيته حتى لو كان الثمن حياة واستقرار هذا الشعب !! فقد تضاربت الأقوال بين مؤيد ومعارض لما اتخذ - كمثال - ضد الإخوان المسلمين من تصعيد ولأن صوت المعارضين كان ضعيفا واجهت الدولة الإخوان بعنف ومازالت !! ولأن هذا النظام اختزل فى أفراد فلا أحد منهم يترك ثأره بل يتربصون ببعضهم البعض فى محاولة كى ينفرد كل منهم بالغنيمة وحده !!(ليجعل الله بأسهم بينهم شديدا) لذا عندما نسترجع - مثلا - تصريحا لكمال الشاذلى فى اكتوبر 2005 قبيل انتخابات البرلمان التى كانت أملا للفكر الجديد كى يكتسب مصداقية أمام الشعب ويحوز أغلبية المقاعد مكافأة من الشعب على هذا النهج الجديد لكنه أصيب بصدمة ارتد على أدبارها لنهج الوالد المنعزل عن الشعب والعنيف فى مواجهة معارضيه !! ويبدو أن الوزير- وقتها- كمال الشاذلى عرف اتجاهات الريح بحكم خبرته فكان هذا التصريح الذى أراد به كسر مجاديف الحرس الجديد وتوريط أصحابه أمام الشعب وقد دفع ثمن هذا لأن أوراقه الضاغطة لم تكن فى قوة الحرس الجديد ! فماذا قال :الأمين العام المساعد للحزب الوطني الحاكم ووزير مجلسي الشعب والشورى السيد كمال الشاذلي- وقد اعترف للمرة الأولى في تاريخ الحياة السياسية المصرية بالحضور البارز لجماعة الإخوان المسلمين على المسرح السياسي، وعدم استبعاد حصول مرشحيها على عدد غير قليل من مقاعد البرلمان في الانتخابات، حتى إن الشاذلي قال لصحيفتي "الحياة" و"المصري اليوم" في 30 أكتوبر 2005: إن "الإخوان حققوا حضورا بارزا على الساحة السياسية ولديهم مؤيدون، وهم نجحوا في إقناع بعض الفئات والتجمعات الجماهيرية بأفكارهم". وقال: إن "الظروف تغيرت والأوضاع تبدلت بحيث لم يعد لأسلوب التعاطي القديم مع الإخوان يمكن أن يستمر.. الإخوان لديهم حضور في الشارع ويريدون أن يمارسوا العمل السياسي ونحن لا نمانع، وإذا كانوا اختاروا أن يخوضوا غمار العمل السياسي تحت لافتة الإخوان المسلمين فهم أحرار، لكن مسألة حصولهم على حزب غير واردة".إن حالة الصراع المكتومة داخل الحزب الوطني بين جيلي الحرس القديم والجديد انعكست على تصريحات متضاربة بين قادة الحزب بشأن ملف الإخوان؛ بين أطراف خائفة من تنامي نفوذ الإخوان وتسعى لتحجيمه عبر شن حملة ضد شعار الجماعة في الانتخابات، وأخرى تقر بحق الجماعة في العمل السياسي، وبين الطرفين ترجح تحليلات سياسية أن تكون تصريحات بعض أقطاب الحرس القديم بخصوص الإخوان (التنسيق معهم أو الاتصال بهم ثم الاعتراف بقوتهم) تستهدف الضغط على زملائهم من الحرس الجديد ضمن معركة تكسير العظام داخل الحزب عبر هذه التسريبات الإعلامية. .. انتهى !!

الوضع الآن للجبن والخوف فيه نصيب كبير فكل المرتزقة من صحفيين ومثقفين ورجال أمن والذين يزينون الباطل لهذه المجموعة من الشباب التى قفزت على حجر كرسى الرئاسة-هم فى نفس الوقت المسيطرون على أجهزة توجيه وقمع الرأى العام!!فقد كانت خطة المواجهة تهيئة الظروف لإتمام السيطرة داخليا فى الحزب الحاكم-بالانتخابات المزورة التى تجرى هذه الأيام - وخارجيا فى قمع الإخوان والقوى المعارضة ذات التأثير والهاء الشعب بأكل عيشه وهمومه اليومية فى الوقت الذى تنفق فيه مئات الملايين من أموال الشعب فى شراء وتجنيد أجهزة قمعه وتأديبه- كأنهم سيخلدون!!- ولامانع من إثارة الفتنة الطائفية بتهيئة الأجواء لها فى ظل قرارات مائعة متضاربة مثيرة للجدل لا تطمئن أحدا من الطرفين تميل أحيانا للطرف المسنود خارجيا بحكم تركيبة النظام الذى يحيا على صك تأمين الحياة من الخارج أصلا مما يجعله يحيا غريبا عن الوطن ومتطلبات الوطن واستحقاقاته لأنه يحمل أجندة ليست مصرية ولا تحقق أيا من الطموح المصرى أو حتى المتطلبات الأساسية لحقوق الإنسان المصرى !! ولأنه يحمل أجندة أجنبية فهو يحقق مصالحهم أكثر بينما تنهار على يديه حقوق المصريين وفى هذا الإطار تبرر عمليات النهب والسرقة والحصار والتضييق والتعذيب والقتل بدماء باردة وإشاعة الفاحشة ومطاردة حالة التدين أيا كانت توجهاتها !! ولأن الهدف هو مصلحة هؤلاء القابضين على أوراق القوة الغاشمة فى مصر من أجل الاستمرار مهما كان الثمن فقد انهارت مصر سياسيا واقتصاديا وثقافيا وفنيا وعلميا وتعليميا ورياضيا على أيد هؤلاء ومازال فريقا منهم يبرر ويدافع بل يحاول إقناعنا بأننا متشائمون إن لم نكن متآمرون على مصر والنعيم اللى هى عايشة فيه !! وحسبنا الله ونعم الوكيل

لقطات حقيقية:

(1) فشل النظام المصرى فى حماية الشعب المصرى من الداخل بعد أن باع نفسه للخارج وكما زادت حالات التعذيب والقتل لجميع أفراد الشعب زادت حالات الإختفاء وسط شوارع تعج بالمخبرين ومؤسسات تراقب بالليل والنهاروأنشطة لا يسمح لها إلا بموافقة أمنية وأفراد زادت ملفاتهم أمام المؤسسة الأمنية التى تحوذ بمفردها على 25% من الناتج العام للدولة سنويا بينما الرعاية الصحية 2.5% !!

منهم المشهورين مثل الكخيا المعارض الليبى ورضا هلال الصحفى المصرى ومنهم من لايعرفهم كثيرين مثل ما حدث فجر الأربعاء ٩ أغسطس ٢٠٠٦ حيث خرج كل من بهاء الحسيني محمد عبدالعاطي «١٩ سنة» طالب في آداب المنيا ومصطفي محمد عبدالحكيم عبدالله «١٨ سنة» طالب في الثانوي العام لشراء خبز مدعم وغاصا وسط الزحام ومن وقتها لم يعودا حتي الآن.حررت أسرتا الشابين محضرين بالواقعة، ولجأتا إلي وزير الداخلية ونواب الشعب والشوري بحثا عنهما بلا نتيجة!!.

اختفاء طالب جامعي في ظروف غامضة منذ ٧ أشهر في مطوبس «هل رأيت وليد ابني؟!»، هذا السؤال تردده والدة طالب الجامعة وليد نبيل هلال «٢١ سنة»، منذ اليوم الرابع لعيد الأضحي المبارك الماضي، دموعها أصابتها بضعف في الإبصار وإعياء شديد.. والده وأشقاؤه لم يتركوا مكانًا إلا فتشوا فيه علهم يجدونه.. تفاصيل المأساة يحملها المحضر ٥٢١٧ لسنة ٢٠٠٧ إداري مركز مطوبس!!!

والسؤال هل هناك دولة لحماية هذا الشعب؟ أم فقط تظهرمواهبها فى الجباية حتى تنفق على وسائل تأمين الحكام الروشين الجدد من دم الشعب المصرى ؟!!

(2) ناصرعبدالله المسلم وناصر جادالله المسيحى كلاهما من مصر وقتلا تعذيبا ورميا من الدور الرابع على أيدى ضباط حماية النظام المصرى ظلما وعدوانا ونعم المواطنة التى يمارسها النظام !! فى الجانب الآخر هناك أحمد وبيشوى !!

أحمد وبيشوي صديقان في عمر الزهور‏,‏ ‏ لكن الأقدار شاءت أن يواجه أحمد خطر الغرق في نهر النيل‏,‏ فألقي بيشوي نفسه في الماء لإنقاذ صديق عمره من الغرق‏,‏ إلا أن الدوامة جرفتهما معا ليغرقا سويا وهما يمسكان بيدي بعضهما‏.‏كان أحمد محمد عبدالله‏14‏ عاما وبيشوي عريان عبده‏14‏ عاما قد نزلا معا للاستحمام في مياه نهر النيل قرب منطقة المظلات بشبرا‏,‏ وبعد فترة خرج بيشوي لشعوره بإجهاد‏,‏ بعدها فوجئ بصديقه أحمد وهو يشرف علي الغرق‏,‏ فاندفع لإنقاذه لتجرفهما الدوامة وقد تم انتشال جثتي الصديقين في منطقتي مسطرد ومنطقةالساحل‏.‏

تلك هى المواطنة الحقيقية وذلك هو الشعور الذى يجب أن يغرس فى نفوس شعب ارتبط فيه المسلم والمسيحى بعاطفة دينيية يعبد فيها كل منهما ربه طبقا لعقيدته وتعلو فيها معانى الانسانية برا وقسطا لأنه لا يمكن العيش بكل هذا الحجم من الكراهية التى يؤججها المتطرفون هنا وهناك! بكل وضوح أقول لن نبنى مصر إلا بالإيمان والحب والعدل والحرية فعندما تتزن النفس تتزن الحياة وكما أرشدنا رب العزة بأن تغيير النفس مقدم على تغيير الواقع"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

دكتور محمد جمال حشمت

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق