مشاهدات ومعانى فى المشهد اللبنانى ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 1 - 8 - 2006

الحقيقة أنى لم أستطع أن أكون فكرة كاملة فى موضوع واحد كى أكتب مقالا نظرا لتلاحق الأحداث وتساقط الشهداء رغم صمود المقاومين وتمتعهم بإرادة قوية مع استسلام وخضوع حكام الأمة العربية ! لذا فقد أردد فى مقالى هذا معنى أو كلمة أو فكرة أعجبتنى أحاول أن أستجمع بها أنفاسى اللاهثة وراء الأسى والحزن الذى يلف عجزنا كشعوب عن نصرة أخواننا فى الدين والوطن ولعل فيما أذكر وأعرض من موضوعات ما يفتح آفاقا للفهم والعطاء أمام كل مخلص يحب دينه ووطنه :

• لابد أن نفهم أن العلاقة الاستراتيجية بين أمريكا واسرائيل حقيقة واقعة لاشك فيها ولايهم أيهما فى قبضة الآخر وأيهما ذيل الكلب أو رأسه , المهم هو كيف نتعامل كعرب ومسلمين مع هذه العلاقة ؟ وكيف نحسن توظيف اختلافاتنا لجلب مزيد من المكاسب بدلا من تحطيم بعضنا البعض ؟ وكيف نستثمر المقاومة فى فلسطين ولبنان والعراق للضغط على هذه العلاقة ومحاولة تفكيكها ؟ وهذا يدخلنى فى الفكرة التالية ...

• لاشك فى بسالة مجاهدى حزب الله ولا تشكيك فى قدرتهم السياسية التى يديرون بها معاركهم وقد حاول بعض العلماء إضعاف موقفهم بصورة فتوى شرعية -لا نتهم بها نواياهم ولكن ندين سوء اختيارهم الوقت لإعلان موقف فقهى لن يربح منه سوى أعداء الدين والأمة !! ورغم ذلك فقد هبت ثلة من كبار العلماء على مستوى العالم الإسلامى لتؤكد أن المعركة التى يخوضها حزب الله الشيعى المذهب هى معركة الأمة الإسلامية كلها ومناصرتهم ضرورة شرعية ومطلب إنسانى فاكتملت صورة الموقف السنى الداعم لإخوانهم الشيعة فى معركتهم المشتركة ضد التحالف بل الحلف الصهيونى الأمريكى وهنا يبرز تساؤل أحسب أنه حان وقت طرحه وهو متى ينضم شيعة العراق مع إخوانهم أهل السنة وكل المقاومين للإحتلال الأمريكى للعراق فى معركة لاشك فى تواجد بنى صهيون فى القلب منها ولاشك أيضا فى أن بدئها يمثل ورقة ضغط قوية على الشيطان الأكبر أمريكا لتخفيف الضغط على الشعبين الفلسطينى والعراقى !! ؟ متى يناصر الشيعة السنة فى العراق كما ناصر علماء السنة الشيعة فى لبنان ؟ بل متى يناصر الشيعة فى العراق الشيعة فى لبنان بفتح أبواب الجحيم على مارينز إدارة بوش المتصهينة ؟ !! للأسف لا أعلم من يملك الرد !

• عندما قرأت موعظة دينية لحاخام اسمه إسحاق بيرين يقول فيها " إذا استمر ارتفاع الآذان الذى يدعو المسلمين إلى الصلاة فى كل يوم خمس مرات قى القاهرة وعمان والرباط فلا تتحدثوا عن السلام " !! (البلاد فى 30 رجب 1421ه) لا أدرى لماذا تذكرت قانون وزير الأوقاف المصرى وممثل الحزب الوطنى الحاكم بتوحيد الآذان فى المساجد الكبيرة الجامعة فقط ؟ وأود معرفة ماذا يجرى فى عمان والرباط لعل الجميع يمهد الأرض لإقرار السلام كما تفهمه اسرائيل وتريده بلا آذان بلا إسلام بلا وجع دماغ !!

• الهجوم الصهيونى على فلسطين ولبنان وموقف المقاومة أظهر أن لهذه المعركة شهداء وقتلى , أما الشهداء فيتساقطون يوميا بالعشرات من أبناء الشعبين الفلسطينى واللبنانى وأما القتلى الذين لايستحقون حتى صلاة الجنازة عليهم هي الأنظمة العربية الفاسدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى ومنظمة الأمم المتحدة خاصة الأخيرة التى وقفت بقراراتها حصريا بدون مبالغة ضد دول العالم العربى والإسلامى وكانت كلها مستندة إلى الباب السابع الذى يبيح إستعمال القوة لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية !! اليوم تستغل القوات الدولية المراد جلبها للجنوب اللبنانى فى إطار الباب السابع إياه للردع لا للرصد والمراقبة كما هو حالها من قبل فتتخلى المنظمة الدولية عن قوة الشرعية لتستبدلها بشرعية القوة وهذا ما يجعل هذا الكيان الدولى سيفا مسلطا على رقاب العرب والمسلمين فقط وبدلا من أن يحفظ السلم والأمن الدوليين يحفظ المصالح الأمريكية الصهيونية والغربية مفرطا فى حق الضعفاء لصالح الأقوياء ومكرسا لسياسة الغاب بصورة قانونية كما تفعل الأنظمة الطاغوتية الفاسدة التى تحكم رقابنا فى بلادنا ! وهو ما يفسر سر إستسلام هذه الأنظمة لهذا الظلم الجاسم على صدور الأمة ويدفع ثمنه فقط الشعوب المستضعفة المستسلمة لحكامها !! فهل من موقف للعرب والمسلمين لتجميد عضويتهم فى هذه المنظمة أو التهديد بالإنسحاب منها كى لا تخضع دولهم لهذا الظلم !؟ لقد اتضح أن الكيان الصهيونى موجود بيننا فى أراضينا نتيجة ثلاثة أمور أوردها الدكتور على الغتيت فى تعليق له على قرار تشكيل القوات الدولية الأول: تملكها أسلحة الدمار الشامل !! التى يحاصر الغرب إيران الآن بسببه!! 

الثانى: الغطاء الأمريكى الداعم بلا حدود لكل مواقفها والذى يحقق لأمريكا مصالحها فى الأرض والبترول والثالث : اقتناع العرب بأن السلام هو الخيار الإستراتيجى !! ونظرا لأن التاريخ لم يذكر لنا حالة تحرير واحدة حقيقية تمت بجيش نظامى إنما نالت حركات المقاومة الشعبية هذا الشرف على الدوام , فإن الأمر يحتاج منا جميعا التفكير كيف نحرم الكيان الصهيونى من هذه الحصانة التى تمثل حبل الناس الآن ؟ ومن أين نبدأ ؟ لاشك أنه من الداخل أي من النفس ومن الوطن وإلاَ يصدق علينا قول القائل " إن الشعوب التى لا تبصر بعيونها سوف تحتاج إليها كى تبكى بها " فاللهم لا تجعل بأسنا بيننا شديد وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

• drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق