القفز فوق الثوابت ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 20 - 1 - 2007

كمصري عربي مسلم أستشعر الوطنية كإحساس بالمسئولية وأحيا بعقيدتي الإسلامية السمحة التي لا تصنع خصومة مع المسالمين حتى لو كانوا مخالفين في العقيدة وتتيح مساحة للحب والرحمة والعدل في قلوب المسلمين لا يمكن مقارنتها بأي عقيدة أخرى، بهذه التركيبة الطبيعية التي تمثل كل المصريين مهما كانت ديانتهم لم أفهم كيف تفهم النظام المصري اعتداء أمريكا على الصومال الدولة العربية المسلمة عن طريق أثيوبيا التي يحكمها التعصب ضد الإسلام والمسلمين حتى من أبناء أثيوبيا أنفسهم !! وكذلك تفهم ومساندة الخطة الأمريكية لاستمرار احتلال العراق رغم الدماء التي تنزف هناك على أيد الأمريكي المحتل والطائفي المدعوم من الاحتلال !! بل وناشد النظام الحكومة الأمريكية والعراقية العميلة تعديل الدستور لاستيعاب كافة القوى العراقية الأخرى المهمشة !! كل تفاهمات النظام مؤيدة للهيمنة الأمريكية والغربية بينما نفتقدها في الداخل والخارج يما يخص الوضع العربي والإسلامي !!! لماذا يطالب النظام المصري العراق بتعديل دستوري لإشراك بقية الشعب العراقي بينما يسن هنا في مصر تعديلا دستوريا يهمش أغلبية الشعب المصري غير المشترك في الأحزاب الحالية التي لا وزن ولا قيمة لها على مستوى الشارع السياسي ؟!! لماذا يتفهم النظام الرغبة الأمريكية في التوسع والاحتلال وتأمين مصالحه حتى لو كانت على حساب حرمة الدم المسلم وثروات الأوطان بينما لا يتفهم رغبة الشعب المصري في نيل حريته وحقه في اختيار حاكمه ونوابه ومسئوليه بعيدا عن التزوير وسيطرة النظام الراغب في البقاء إلى الأبد !! إن اللعب على رغبة الشعب دون أخذ رأى الشعب أو تزوير إرادته صارت مكشوفة فلا أحد في مصر يمكنه من الحديث باسم الشعب المصري كله سوى من يختاره في مناخ من الحرية مازال مفتقدا حتى الآن ! حتى رئيس الجمهورية لم يصوت له سوى 4مليون ناخب بعد حذف الأصوات المزورة التي أضيفت في قرى مصر وشهدت عليها منظمات المجتمع المدني التي راقبت الانتخابات وبشهادة نادى القضاة الذي أبطل الاستفتاء على المادة 76 وما بنى على باطل فهو باطل حتى الإخوان صوت لهم ما يقرب من 3.5 مليون بعد إضافة الأصوات التي حرموا منها نتيجة التزوير وهى نسبة متقاربة لا تسمح لأحد بأن يتحدث وقلبه جامدا باسم الشعب المصري كله، لذا لم أتفهم إصرار الرئيس على بقائه وبقاء من بعده ويهمه أمره عندما تحدث للأهرام مؤخرا قائلا" أن المادة 77 الخاصة بمدد تولى الرئاسة لم تعد محل جدل بعد تعديل المادة 76 بما يجعل نظام الترشيح لمنصب الرئيس مفتوحا للتنافس ولاختيار الشعب وأوضح أن الشعب هو الحكم بمعنى أنه إذا جاء رئيس بالانتخاب ولم يحقق إنجازات فالأمر المؤكد أن الشعب لن ينتخبه لفترة أخرى" !!!! وهذا معناه أن حق الترشيح مفتوح لكل مصري وهذا غير حقيقي بنص التعديلات القديمة والجديدة !! ومعناه أيضا أن الرئيس مبارك نفسه حقق إنجازات طوال فترة حكمه على كل المستويات !! ومعناه أيضا أن الشعب يستطيع أن يقول لا لأى رئيس لم يحقق إنجازات !! وهو حديث يزيد من الاحتقان الداخلي ! ولكي نتكلم بوضوح فيما يخص الحوار الدائر الآن عن حزب مدني ذي مرجعية إسلامية أرى أن الأمر تعدى الإخوان المسلمين ورغبتهم لعقيدة الشعب وهويته وحقيقة الإسلام الذي هو معلوم من الدين بالضرورة فالحكم والسياسة التي تعنى تصريف حياة الناس والاهتمام بشئون المواطنين والعدل والحرية والمساواة والتنمية كلها أصول في الإسلام الذي ينظم الحياة بين العبد وربه وبين العباد بعضهم البعض في انسجام رائع لم يسمع احدا من قبل بما يقال الآن من تعبيرات كنسية أو غربية لا علاقة لها بالعقيدة والدين الإسلامي !! إذن ما يثار الآن لا يخص الإخوان فقط بل يخص كل المسلمين في مصر والسؤال لمرجعيات الدولة الإسلامية وليس غيرها- رغم أن النص الدستوري الحالي يحسم القضية لكن نعمل إيه في ولاد الإيه!!- هل مصر دولة إسلامية أم لا ؟!! وهل للإسلام دخل في رسم الخطوط العريضة في السياسة والاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها أم لا؟!! هل الشورى تحريم الربا وإقامة العدل والحث على التعليم وأدبياته والحفاظ على الصحة وقائيا وعلاجيا من الإسلام أم لا؟!!!

وماذا نفعل بآيات الحكم والجهاد والعلاقات الدولية في القرآن؟!! فإذا كنا دولة إسلامية فلماذا يتعجب البعض من حزب مدني ذي مرجعية إسلامية تحترم المواطنة أغلبية وأقلية دون مصادرة حق كل منها في اختياراته طبقا لعقيدته ؟!! لماذا يريد البعض ممن نحسبهم يفهمون(مثل نائب الوطني حمدي الطحان) سياسة بلا دين ؟ هل كي يسبوا الله وينتهكوا حرماته ويتلاعبوا في أقوات الناس ويهدروا حقوقهم ويبطلوا شرعه دون حساب أو رقابة؟!! دعونا نتحدث بصراح فيم التخوف من الإسلام أم من الإخوان ؟ فإذا كان من الإخوان فلماذا تخلط الأمور ويتحدث كل دعي بما لا يفقه حتى تطاول البعض على الإسلام وشريعته ووجوب تطبيقه امتثالا للعقيدة قبل أن يكون تطبيقا للدستور؟!! فليبقى الخلاف مع الإخوان في إطار الموضوعية والتجربة والحوار بعيدا عن نصوص هي دين للإخوان ولغيرهم !! الإخوان يقدمون برنامجا لدولة ونهضة تتأسس على مرجعية الإسلام كاجتهاد يصيب ويخطئ يضاف له ويحذف منه دون أي مساس بمرجعيته التي يتفق عليها كل المصريين والمسلمين ؟!! فلماذا تخلط الأمور ولماذا لا يتفهم أحد هذا الوضع كما تفهموا لليهود والأمريكان وكل معتد أثيم على الإسلام عقيدة وشعوبا؟!! ولا أجد إلا دعاء المكروب على لسان أحد الصالحين أدعو به وأختم مقالي " اللهم انا نسألك لمن كبتوا أمننا وضيعو بلدنا وأذلوا شعبنا وأفقروا أهلينا وضيعوا أموالنا واعتقلوا شرفاءنا وأطلقوا لصوصنا وقاتلي أهلينا في مصر الحبيسة اللهم انا نسألك ان ترينا فيهم عجيب قدرتك وشديد بأسك وعاجل نقمتك كما أريتنا فيهم عجيب حلمك يا مولانا الشفيق يا رب البيت العتيق يا سامع الصوت وسابق الفوت وكاسي العظام بعد الموت يا قريبا غير بعيد ويا شاهدا غير غائب يا ودود يا ذا العرش المجيد يا مبدئ يا معيد يا فعال لما يريد نسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك وبقدرتك التي قدرت بها علي خلقك وبرحمتك التي وسعت كل شيء ان تعجل لإخواننا فرجهم وتحفظ عليهم أهليهم وأموالهم وأعمالهم وان ترينا فيمن ظلمهم يوم عيدهم عاجل باسك وشديد غضبك وقوي انتقامك هم وأعوانهم وأسيادهم اللهم آمين اللهم آمين آمين

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق