ثقافة الإستبداد وسياسة الخراب ! ـ د. محمد جمال حشمت

دكتور محمد جمال حشمت : بتاريخ 10 - 4 - 2006

لا أفهم سر العقاب الجماعى الذى يمارسه نظام الحكم وجهاز أمنه فى الشعب المصرى عقب كل إنتخابات يفوز فيها معارضون للنظام خاصة من الإخوان المسلمين ، تخويف الناس من الإقتراب أو التعامل مع نواب الإخوان أو قياداتهم وقد يصل الأمر إلى التهديد أو حتى ممارسة العنف معهم أو إحكام الحصار أو الإبعاد أو الفصل أو الإعتقال وكل هذا حدث فى كل محافظات مصر والشهود بالآلاف رغم أن الذى يدفع الثمن هو الشعب وأمنه و ثرواته ومستقبله ، لقد وصل الأمر إلى إغلاق مؤسسات إقتصادية ناجحة لمجرد أن الذى يديرها من الإخوان دون أى إعتبار لتأثير مثل هذه الأفعال الصبيانية الثأرية على مجمل الإقتصاد المصرى وفرص الإستثمار فيه !! ولعل هذا يفسر جزءا من أ سباب احتلال مصر لمرتبة متدنية في تصنيف البنك الدولي في مجالات النمو الاقتصادي حيث جاءت مصر في المرتبة 141 من بين 155 دولة جرى حولها التصنيف.

فإذا ما تحدثنا عن الفساد والرشوة وشيوع سياسة تقسيم الغنائم نفهم ما أشار إليه تقرير البنك الدولي من تراجع تصنيف مصر في جذب الاستثمارات الدولية ، لقد خدمت تعديلات القوانين الأخيرة طبقة رجال الأعمال الذين سلطهم النظام على مصر وثرواتها بإعتبارهم جزءا من منظومة الحكم بعد أن دخلوا الوزارة والبرلمان !! فلقد باعوا مصر بتراب الفلوس ممثلة فى شركاتها ومصانعها الرابحة ومازالوا متورطين فى الهيئات الخاسرة التى كانت مبررهم فى بدء سياسة الخصخصة !

لذا نتوقع أن يستمر التخبط بين الإتجاه المعلن فى تشجيع الإستثمار الأجنبى وجذب رؤوس الأموال الأجنبية وبين مايجرى فعلا على أرض الواقع من ظروف سياسية وإجتماعية طاردة لرأس المال

ولنضرب بعض الأمثلة بل مثالين فقط على خطورة التصرفات الأمنية على حالة الإقتصاد المصرى فقط بعيدا عن الأثار الإجتماعية والسياسية والنفسية !!

كان المهندس محمد سعد قد تعرض للاعتقال في 5/12/2005 ودام احتجازه لمدة 75 يوما أفرج عنه بعدها ، حتى فوجئ يوم الجمعة الماضي بقوات الأمن تعاود اعتقاله وهو الأمر الذي سبب خسارة مادية فادحة للشركة التي يملكها وتشويه سمعتها بين عملائها ، كما أدى لتشريد 60 موظفا وعاملا بعد أن قامت قوات الأمن باحتلال مقر الشركة وإغلاقه تماما . ويأتي هذا التشريد للعمال في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة إقناع المواطنين بسعيها لتوفير فرص عمل جديدة.

وهذا ما تم مع المهندس النابه عبد المجيد مشالى الذى أدار مؤسسة لبيع أجهزة المحمول فى مصر بصورة ضاعفت من راس المال فى وقت قياسى وتفوق على منافسين فى السوق المصرى شهد له بها كل منافسيه وهو صاحب الخلق العالى والإحساس المرهف فأحبه كل العاملين معه وكان لمؤسسة الفساد فى مصر رأى آخر فى ظل عقلية الإستبداد ومناخ الطوارئ فتم إعتقاله مع زملاء له يوم 2 مارس 2006 مع إغلاق أكثر من 22 فرعا لشركته كل منها قصة نجاح تحتاج لتشجيع بل ولتدريس لكل الراغبين فى إستثمار أموالهم ولكن ليس فى مصر المحبوسة فى سجن الحزب الوطنى والوطنية منه بريئة !! وتم الإستيلاء على أكثر من11 مليون جنيه أموال سائلة من أموال الشركة التى إستباحها نظام غبى يهدد أمن الوطن ويعرض أمن وحق المواطنين للخطر

إن فقدان الوطن لكفاءات عديدة معتقلة أو مسجونة سياسيا له أيضا آثار خطيرة في هذا الشأن على مستوى آخر حيث تفقد الدولة باضطهادها لتيار سياسي معين واعتقال عناصره سندا لن يكون فى يوم من الأيام معينا لها في أية مشكلة تهدد الأمن القومي للدولة نتيجة حالة الإحباط التى تسود الوطن من أدناه إلى أقصاه !

وطبقا لما أكده تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان لعام 2005/2006 والذي أعلن عنه منذ أيام فإن حالة الطوارئ أدت إلي تراجع معدلات الاستثمار سواء المحلي أو الأجنبي، فإن تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن موازنة الدولة لعام 2003/2004 قد اكد أيضا انخفاض واضح في الاستثمارات الأجنبية بمصر علي عكس المتوقع بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وهو ما يعد نتيجة طبيعية لحالة الطوارئ، فإن المشكلة الأخطر هو زيادة هروب رؤوس الأموال المصرية للخارج نظرا لعدم وجود بيئة اقتصادية وسياسية آمنة تعمل فيها. تلك هى خطورة العقلية الإستبدادية التى تتحكم فى مصر بحيث لاترى إلا نفسها ومصالحها

وطبقاً لإحصائيات هيئة الأونكتاد التابعة للأمم المتحدة فإن حجم الإستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر ـ منذ فتحت مصر بابها لهذه الإستثمارات في منتصف السبعينات من القرن الماضي وحتى نهاية عام 2003 ـ قد بلغ 21 مليار دولار، كما أن مصر وهي الدولة الرائدة عربياً وأفريقياً قد تدهورت مرتبتها لتصبح عام 2003 المرتبة 16 من الدول الأفريقية والمرتبة 11 بين الدول العربية في جذب الإستثمارات الأجنبية وسبقتها دول مثل السودان وتشاد... ولا شك أن حالة عدم الاستقرار الذي يشعر به المستثمر الاجنبي فضلا عما خلفته الطوارئ من أمراض خطيرة مثل الفساد والرشوة والمحسوبية أدي إلي هذا التدهور.

ومن هنا ومن هذا المنبر أناشد كل من تعرض لمثل هذه الملاحقات وسرقت أمواله ونهبت ممتلكاته وأغلقت شركاته أن يحصر خسائره ويرسل لى كافة البيانات التى تسمح لبعض المراكز الحقوقية بتبنى قضيتهم لمطالبة النظام المصرى بما تسبب فيه من خسائر لن تتقادم ولن يتسامح فيها أصحابها ليكون عبرة على مدار التاريخ لتبيان خطورة ثقافة الإستبداد التى سمحت لسياسة التخريب بأن تنتشر وأن تزدهر وأثارت الفتنة بين أبناء الشعب المصرى الذى تفرق إلى قلة ناهبة وكثرة منهوبة عار عليها أن تصمت أو ترضى بهذا الهوان فليتعاون الجميع وكل من يتجمع لديه معلومة عليه بإرسالها عسى الله يجعل لنا جميعا فرجا قريبا إن شاء الله

DRHISHMAT@YAHOO.COM

إضافة تعليق