من حفر دستورا لأخيه وقع فيه! ـ د.محمد جمال حشمت

د.محمد جمال حشمت : بتاريخ 31 - 3 - 2007

* تعودنا عندما يتحدث المتحدث ذو التوجه الإسلامى فإنه يقول"بسم الله الرحمن الرحيم" والعلمانى يقول "مساء الخير" والمسيحى يقول"باسم الإله الواحد الذى نعبده جميعا" خاصة عندما يتحدثون عن أنفسهم أو معتقدهم أو أفكارهم ولكن فوجئنا أن الأستاذ ممدوح مرعى وزير العدل يبدأ نتيجة الاستفتاء بقوله "باسم الإله الواحد الذى نعبده جميعا" وهو لاشك مخطئ حتى لو كان مسيحيا فهو يتحدث لكل الشعب المصرى الذى لا يستوعب عدد كبير منهم هذه البدايات، أما لو كان مسلما فقد أخطأ إذا أراد أن يعبر عن المواطنة بهذا الأسلوب لأن ذلك يعنى أن المواطنة فى عرف من وضعها فى الدستور دون تحديد لمفهومها ،مسيحية الهوى والبنيان وهو ما أكدته تصريحات البابا شنوده وكثير من الأباء الكهنة من أن التعديلات نصر كبير وحماية لأقباط مصر وهو فهم قاصر يؤكد أن الحزب الوطنى حزب طائفى ويخرج الأقباط من دائرة الوطنية الحقة التى تنال منها تلك التعديات الدستورية !! وهذا يستلزم من الوزير.. العدل فكان يجب عليه أن يبدأ بسم الله الرحمن الرحيم وبسم الإله الواحد الذى نعبده جميعا ومساء الخير عليكم !! تحقيقا للمواطنة التى يتساوى فيها الجميع خلف الميكروفونات !!!!

لم أفهم ما سبب هذه البداية غير أنه من الحزب الوطنى حزب العجائب والمصائب!

* قابلت كثيرا من الموظفين الذين انتدبوا للعمل رؤساء لجان فى الاستفتاء الأخير وسمعت منهم عجبا ! الأغلبية اتفقوا على أن عدد الحاضرين حتى الساعة الخامسة أو السادسة لم يزد عن عشرة فى كل لجنة وهنا دخل ضباط أمن الدولة والمباحث على اللجان ومعهم المخبرون نظرا لكثرة عدد اللجان وقلة عدد الناحبين الذين حضروا !! وطلبوا ملء الصناديق بمتوسط 250 بطاقة تنطق بنعم !! ومن رفض اتهموه أنه من الإخوان المسلمين وأنهم محتاجون يقعدوا معاه بعد الاستفتاء !! ولا أدرى بأى خلق فعلوا هذا وبأى قلب أقدموا على التزوير فى دستور سيدفع الجميع ثمن تمريره بمثل هذا الفجور دون وازع من دين أو خلق !! إخص عليكم ! سينالكم عار ما اقترفت أياديكم عاجلا او آجلا ولا أظن أن وزير الداخلية فعل هذا وأصدر تعليماته من وراء الباب العالي فالكل شارك فى التزوير بدءا من شيخ الأزهر الذى صوت دون أن يقرأ أو يفهم وأوضح حكم كاتم الشهادة ولم يتحدث عن حكم مزور الشهادة ! !! حتى المخبر الذى استعرض فتونته على رئيس اللجنة " لما غاب القاضى لعب الواطى" لقد لوث هذا النظام كل من اقترب منه أو شارك معه أو عمل فيه ! فهنيئا لهم لوثة اليد والعقل والشرف مهما كانت مناصبهم أو حاز سلطانهم أو ملكت أيديهم !!لأن جميعهم من الحزب الوطنى !!

* بعض المدافعين عن التعديات الدستورية التى مررها الحزب "المزوراتى" صمتوا صمت القبور بعد الاستفتاء ربما خجلا أو ندما وهنا تذكرت الزوجة التى تصر على الطلاق دون أسباب معقولة أو شرعية وهى تصيح وتهلل حتى إذا وقع الطلاق صمتت وخسئت وندمت وهو إحساس على كل حال متقدم وجيد ويدل على أن هؤلاء كانوا قبل الندم من الحزب الوطنى !!

أثار انتباهى جزار يتحدث بصوت عال مفسرا ما فهمه من التعديات الدستورية "يعنى لو مخبر ماعجبهوش شكلى ممكن أبقى إرهابى !! ولا حد منهم تعجبوا مراتى ألاقيه فى بيتى من غير إحم أو دستور!! (طبعا هو لا يعلم أن كل ذلك صار من الدستور!) على النعمة لادبحهم واحد واحد وياروح ما بعدك روح " طبعا ده فهم راقى لمغزى التعديات ببساطة ودون تفعيص المثقفين ! وهو أمر وارد خاصة إذا فقه رجال الداخلية بكل تصنيفاتهم هذا الأمر على أنه حق لهم واستغلوه استعباطا أو ابتزازا أو إجراما وهو ما ينذر بمواجهات لا يعرف أصحابها الصبر أو الاحتساب قد تضر باستقرار المجتمع الذى يحرص عليه الحزب الوطنى دون حراك أو غضب ! وهذا على كل الأحوال من بشائر ما تعودنا عليه " فمن حفر لأخيه دستورا وقع فيه" اللهم آمييييييين

* الآن فلنطوى صفحة التعديات نظريا لنراها ونرقبها عمليا ربما حرك ذلك الشارع المصرى حين يصير الوطن بمن فيه مستهدفا بنصوص دستورية وتعديلات قانونية يظن البعض أنها نجاة وانقاذ لعصابة استولت على الوطن وساعدها على ذلك خوف الخائفين وصمت الصامتين باسم الشرعية الدستورية مما يجعلنا ندعو من أعماق قلوبنا لولد فال ومن قبله سوار الذهب فى موريتانيا والسودان !!! ولا تستغرب ذلك لأنهم رضعوا من الحزب الوطنى منذ نعومة أظافرهم !!

لقد أراد الحزب الوطنىأن يقول لنا نحن الذين لا نفهمه أن الشعب المصرى خرج بأعداد أكثر ممن شاركوا فى الإنتخابات البرلمانية الأخيرة بكل ما فيها من منافسات وحشد وانفعال !! مما يدل على وعى الشعب بما صنعت يد الحكام ورغبته فى انتهاك حرماته من أجل الحفاظ على الحزب الوطنى كابسا على أنفاس ابناء مصر !! لقد وصلت الرسالة مكللة بالعار والفضيحة ولا مهرب لأصحابها سوى الانتحار أو الهروب أو الإستسلام فالمكان محاصر من كل جانب ولما ضاقت و استحكمت حلقاتها فرجت وكنا نظن أنها لا تفرج ، لقد حفروا قبورهم بأيديهم دون أن يعوا نتيجة التغول والتوحش والنهم الذى أصاب العصبة الحاكمة التى صار الدستور معبرا عنها فقط من دون الشعب ولكن صدق الله العظيم ان بعد العسر يسرا ان بعد العسر يسرا والله يعلم وأنتم لا تعلمون.

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق