هوامش حول أقدار الله فى مصر ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 3 - 3 - 2007

إذا كنت قدرنا فليقونا الله عليك وإذا كنا قدرك فليعنك الله كى تتحمل المسئولية .... تلك هى آخر كلمات فضيلة الشيخ الشعراوى للرئيس مبارك وواضح من الواقع أ ن رعاية الله وعنايته قد تخلت عن النظام كله والشاهد هذا الانهيار فى كل المجالات التى تحيط بمصر وهذا البؤس فى حياة المصريين الذى لا يتناسب مع تاريخ مصر ولا مكانتها ولا ثرواتها التى وهبها الله لها أضف الى ذلك الدعاء الدائم من المصريين بفك الكرب وإزالة الغمة والانتقام من الظلمة المفسدين الذين صبغوا حياتنا بالزفت والطين !! وعلى ذلك فإن النظام الحالي هو قدرنا يمتحنا الله به ويجازينا على ما قدمنا من تقصير فى ديننا ودنيانا وكما نكون يولى علينا.

على تلك الخلفية تدور الهوامش حيث تتسارع الأحداث وتضيع الأفعال بل ونفتقد فى أحيان كثيرة لردود الأفعال فلا نجد إلا الهوامش نكتبها عسى الله ألا يجعلنا نصطف بجانبها حين ننتظر فى استسلام ويأس .. أقدار الله !:

1- عايز حقى .. عنوان مثير لفيلم عربى تدور أحداثه حول مواطن فقير غلب حماره فى العيشة بمصر فتساءل طبقا للدستور كل مواطن له حق فى ثروات بلاده فلماذا لا يطالب بحقه ؟ فهل يتحقق الخيال الفنى ليطالب كل مصرى بحقه فى ثروات بلده المنهوبة !! فحقوق المواطنة المذكورة فى الدستور غائبة ومغيبة وضائعة لملايين المصريين من حق العمل والسكن والتعليم وحرية التعبير عن الرأى وانشاء جمعيات أهلية وحرية ترشيح وانتخاب خاصة بعد التعديلات القادمة !!

وإذا كانت الخدمات التى يحصل عليها المواطن مدفوعة الثمن مثل المياه والكهرباء والغاز والتليفونات وإجراءات استخراج الشهادات والرخص والمستندات!! وفى ظل أمراض نهشت أجساد المصريين بسبب الإهمال والفساد مع تلوث الماء والهواء والتربة وغياب الصرف الصحى فى 96% من قرى مصر و68% من مدن مصر طبقا لإحصائية وزارة الإسكان وتهالك الطرق وكثرة الحوادث وغياب الرعاية الصحية مع تغلغل المحسوبية والرشوة وافتقاد المتابعة و المحاسبة إلا على المواطنين الغلابة وفى ظل نظام جباية متوحش يحصل 65% من إيرادات الدولة يدفع منها الموظفون والعمال والفلاحين 56,8% !! وبرغم المليارات التى تحصل من البترول والغاز والسياحة وقناة السويس يبقى السؤال الهام أين تذهب هذه الثروات إذا كان الإنسان المصرى لا يستفيد منها فى خدمات عامة وبنية أساسية توفر له طريق آمن وتعليم راقى ورعاية صحية متميزة وحياة آمنة مطمئنة !! ؟ بل ويدفع ثمن ما يقدم إليه !! من المستفيد من هذه الثروات ؟ من ينهبها؟ ولماذا لا نفكر فى رفع دعاوى قضائية بالآلاف بل وبالملايين من المصريين المحرومين من خير بلادنا إعتمادا على النص الدستورى

(25): لكل مواطن نصيب من الناتج القومى يحدده القانون بمراعاة عمله أو ملكيته غير المستغلة.

وهو نص لم يطلب الرئيس تعديله !! وأما باقى النصوص التى تحمى حقوق الشعب فى كل ما ذكرناه فهى من المادة (7)): يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعى ) حتى المادة (38): (يقوم النظام الضريبى على العدالة الاجتماعية) !! أرأيتم كم نفرط فى حقوقنا حتى لو لجأ الشعب إلى المحاكم الدولية طبقا للإتفاقيات التى وقعتها مصر وأصبحت جزءا من التشريع المحلى !.

2- بيع جامعة الأسكندرية !!

طبعا مجرد العنوان فضيحة لو كان على لسان حكومة السكرتارية التى تقوم فقط على سند القوة لا الشرعية ! ولو رجالة ينزلوا الشارع أو يزوروا أى مكان من غير أمن وحراسة أفقدت الشعب ما تبقى له من حرية أو كرامة !! لكن الحقيقة تقول أن هذا قرار أو توصية مجلس جامعة الأسكندرية وبالمناسبة كله معين وعلى رقابهم سيف المذل !! وبعيدا عن نظرية المؤامرة التى تجعل الفكرة كلها بيزنس لا وجود لمصلحة العلم أو الطلاب فيها ! نسأل هل فكرة ازدحام وسط البلد بالجامعات وضرورة تخليتها مرتكز جديد فى فكرالنظام ؟!! مع العلم أن كل جامعات مصر فى أماكن حيوية ومزدحمة فى كل مدن مصر ! فهل أول الغيث الأسكندرية ؟! ثم لماذا لم يكتمل مشروع جامعة الأزهر فى صحراء مصر (مدينة السادات) التى حصلت على قرار سيادى بانشاءفرع منذ عام 1995 بل وتم افتتاح ثلاث كليات وصدر قرار بتعيين ثلاث عمداء ثم .... تعطلت الدراسة بلا سبب واضح أو رد شافى رغم طلبات الإحاطة والأسئلة التى قدمناها منذ عام 2001 وحتى اليوم !! ماالمانع ؟!! للعلم توجد هناك مشروعات بحثية ومزارع للجامعة الأمريكية وبجانبها تواجد قوى للأخوة المسيحيين فى وادى النطرون وما حولها , وأى دولة قوية واثقة من شرعيتها وتحتمى بشعبها أجمع لا تجد فيما ذكرت موانع إلا إذا كانت جامعة الأزهر هناك تمثل تهديدا للأمن القومى المصرى أقصد كرسى الحكم !!

3 ـ :عندما يفقد نظام حكم شرعية وجوده المستمدة من الشعب والدستور فإنه لا يعير اهتماما لا بشعب ولا بدستور وعلامات ذلك كثيرة منها:

* تكريم قاتل المسلمين والعرب فى العراق جون أبىزيد الأمريكى السفاح لما قدمه لمصر من خدمات !! يا ترى ماهى ؟ فى نفس الوقت الذى أهانوا فيه القضاة بالجزمة وهم أصحاء وبالحرمان من العلاج وهم مرضى!! واعتقال العلماء الذين شرفوا العالم من أمثال دكتور خالد عبد القادر عودة !!

* حرمان المعارضين من السفر لو تركوهم خارج السجون فى الوقت الذى يتم تهريب أبناء الحزب الوطنى ولجنة السياسات قاتلى المصريين خارج البلاد وفتح صالات الكبار لناهبى أموال الشعب !

* حماسة مصر وانشغالها الدائم بأسير اسرائيلى تم أسره فى عملية عسكرية وهو حى يرزق مكرم فى آمان بينما تترك آلاف الفلسطينين الذين تم خطفهم من منازلهم فى عمليات إجرامية صهيونية كرهائن كما تهمل قضية الأسرى المصريين الذين تم قتلهم على أيدي العصابات الصهيونية باعترافهم فى حربي 56 و67م رغم أن الملف كما صرح لنا عمرو موسى فى احدى الزيارات جاهز ومكتمل للمطالبة بحقوق أبنائنا لولا قرار سياسى ضل الطريق منذ سنوات طوال !!

* انتقاد العمل الطلابى الموازى والنقابى الموازى كحل لأزمة غياب الشرعية التى استمراءها النظام لسيادة جينات التزوير على تفكيره وادمانه لها رغم أننا نرى الآن جمال مبارك الذى يسخر الدولة كلها فى تحركاته وزياراته وقراراته رغم غياب الصفة الرسمية !! فلماذا يحلون لأنفسهم ما يحرمونه على معارضيهم ؟ فقط لأنهم يملكون القوة الباطشة التى يصدرونها فى كل وقت وكل مكان !!!!

4- كيف تم الإستعداد للتعديلات الدستورية؟!

لاشك أن النظام قد وضع خطة تمرير التعديلات بأقل الخسائر وكانت تلك الخطوات:

* مواجهة أكبر فصيل قد يسبب خطرا وهو الإخوان منذ الانتخابات البرلمانية بتزوير أكثر من 40 مقعد (كما صرح نظيف) من حق الإخوان وكذلك المعارضين من الأحزاب الذين لا يمكن شراؤهم مثل ضياء الدين داود وأيمن نور وغيرهم حتى اضطر يا ولداه لقتل 13 مواطن مصرى لم يصدر لهم حتى الآن أى تقرير شرعى لاستكمال قضايا حفظ حقوقهم ومحاسبة الفاعلين من رجال الشرطة!!

* غلق المنافذ الإعلامية للإخوان وتشريد صحفييهم والقبض على بعضهم وسط صمت واستكانه غريبة من المهتمين بالصحافة وحريتها لا تقل عما فعله بصحيفة الشعب من قبل والتى فضحته فى وقت مبكر بالأدلة والبراهين !

* حصار نشاط نواب الإخوان فى استهانة بحقهم فى التواصل مع الشعب المصرى خاصة فى دوائرهم والقبض على مدراء المكاتب لإشغالهم بأنفسهم مع محاولة للحزب الوطنى لتقليد أنشطتهم باستغلال إمكانيات الدولة فى خدمة نواب الحزب الحاكم !! ولم يبارك الله فيما قدموه لأنه باطل بنى على باطل

* حملة إعلامية مكثفة لتشويه الإخوان الفكرة وقد طالت الإسلام وثوابته والرموز بعد أن حرموا من إمكانية الرد أو المواجهة بما يبرر ويجمل سوءة التعديلات الدستورية المعيبة!

* حملة اعتقالات تتسع تتدريجيا طبقا لمواقف الإخوان واستمرار نشاطهم طالت قيادات وتتجه نحو المرشد لتحديد إقامته بعد أن تطاول عليه الفريدين حسنين وزكريا فى مجلس الشورى !! ومحاولة غلق مدارسهم ومستشفياتهم التىتقدم نشاطا متميزا يسبب ارتكاريا لكل من يكره الخير لمصر والمحبين لمصالحهم و لمواقعهم لدرجة فعل أى شئ فى أى وقت وبأى ثمن !!! ومن هنا جاءت المحاكمة العسكرية عقب حكم مدنى بالبراءة وفرض الحراسة على أموالهم بمعرفة وزير العدل حتى لو تسبب هذا فى هروب الاستثمار والمستثمرين!!

لم أجد فى نهاية هذه الهوامش أى تعليق على ما قاله محمد كمال القائم بعمل ما يسمى أمين التثقيف فيما يدعى الحزب الوطنى أمام اجتماع لأسقفية الشباب الأرثوذكس بالعباسية فى حواره حول المادة الثانية {أكد أن القانون سيعرف النشاط وما إذا كان من القانوني استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات أم لا، مشيراً إلي أنه بعد إقرار التعديلات الدستورية سيصبح هناك حظر علي استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات، ولن تستطيع أي محكمة أن تقول إنه يمكن استخدام شعار «الإسلام هو الحل"!! أخيرا نطقها ولكن عندما جرم استعمالها !! وليعلم هؤلاء أننا سنموت جميعا ويبقى الإسلام هو الحل , كما يجب أن يعلم أهل الإبتلاء أن بشريات النصر قد لاحت عندما نطق هؤلاء بما قالوا كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولوا إلا كذبا

ياعباد الله صبرا إن توالت الكروب

كلما يشتد كربا تنجلى عنكم ذنوب

إن فى القرآن آية وهى طب للقلوب

ان مع العسر يسرا قال علام الغيوب

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق