من يحيل هؤلاء إلى محاكمة عسكرية؟! ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 19 - 4 - 2008

صدرت أحكام في محاكمة عسكرية باطلة لمحاكمتها المدنيين الذين برأتهم المحاكم المدنية ثلاث مرات وهى أحكام سياسية بالدرجة الأولى في عدم تناسبها للتهم التي لم تثبت وفى توزيعها للأحكام كي تبدو منصفة وعدم فصلها في سرقة أموال وممتلكات أبرياء هم علماء ورجال أعمال وأساتذة جامعات بل حكمت على الضحايا بإصرار شديد بعيدا عن الإعلام ورقابة المراكز الحقوقية المحلية والدولية وأعلنت أحكامها في غيبة أي حضور من البشر !! وحسبنا الله ونعم الوكيل

واليوم نعرض لمشكلة ليست هينة ولا مشكوك فيها بل في منتهى الخطورة تسبب فيها أفراد هم الذين ظهروا في الصورة نيابة عن أسماء مجهولة في السلطة التي تتحكم في مصر! القضية باختصار بيع شركة النصر لصناعة المراجل البخارية فخر الصناعات المصرية بحيث :

1- لا نستطيع مشاهدة هذا الكيان والصناعة الوطنية؛ وهو يفرغ من محتواه.. من خبراته وكفاءاته وعماله ومعداته.. ليتم هدم منشآته، والاستيلاء على الأرض التي - تقدر بالمليارات - لإقامة منتجع سياحي بدلا من الشركة الوحيدة على مستوى الشرق الأوسط المتخصصة في صناعة الغلايات البخارية وأوعية الضغط العالي الخاصة بمحطات الكهرباء وشركات البترول والصناعات الثقيلة والمحطات النووية، بل صناعة من الصناعات التي تعد ذات أهمية قصوى للأمن القومي وتعتبر جزءا من البرنامج النووي المصري، ولا توجد شركة مماثلة لها سوى شركة واحدة داخل " الكيان الصهيوني".

هذه الشركة هي مصدر رزق لأكثر من 230 أسرة وهم كل من تبقى بعد التصفيات التي تمت ! والتساؤل هنا هل بعد أن أعلنت مصر دخول النادي النووي يتم بيع هضبة الضبعة وهو المكان المخصص للمشروع منذ أكثر من 25 سنة لصالح مشاريع سياحية بحيث يلحق بهذا الكيان العملاق الذي فقد خبراته وكفأته وعماله ومعداته - ليتم هدم منشآته وتشريد عماله أيضا لصالح مشاريع سياحية

2- الذين يستحقوا الإحالة للمحاكمات العسكرية هم الدكتور عاطف عبيد والدكتور أحمد نظيف والوزير محمود محي الدين والأستاذ نصيف ساويرس والسيد محمد عبد المحسن شتا رجلا الأعمال وقد تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم عبد الوهاب الحباك لوفاته في السجن على ذمة قضية فساد أخرى ! واليكم ملخص لدور كل منهم في تدمير صناعة أمن قومي !!كما أوضح لي من تبقى من العمال ! فشركة النصر لصناعة المراجل البخارية هي الشركة المؤهلة وتعد الشركة الوحيدة القادرة على إنتاج أكبر قدر من مكونات هذا المشروع المصيري.. والحيوي.. والذي طال انتظاره..!! بما تمتلكه من معدات وخبرات وكفاءات فنية نادرة وعمالة مدربة - اقلهم ٢٠ سنة خبرة - ومصنع مجهز على مساحة ٣٢ فدانًا وميناء على النيل قبالة حي المعادي، على الجهة الأخرى من النيل

3- بداية السيناريو في أكتوبر ١٩٩٤ حيث تم الإعلان.. عن بيع كافة أصول شركة النصر لصناعة المراجل البخارية وأوعية الضغط - من أوائل الشركات على مستوى الجمهورية - إلى شركة بابكوك وويلكوكس انترناشيونال وهى شركة كندية أمريكية.. وفقا لبرنامج خصخصة بعض الشركات؛ واسمها التجاري شركة بابكوك وويلكوكس مصر، والمدة المحددة للشركة ٢٥ سنة تبدأ من تاريخ قيد الشركة بالسجل التجاري.. بعد أن ساق المسئولون أسبابا واهية لتبرير البيع في الوقت الذي شهد مشاركة الشركة في تصنيع أجزاء من محطة كهرباء غرب القاهرة بالاشتراك مع شركة بابكوك هيتاشى اليابانية وأيضا قيامها بتصنيع أوعية الضغط العالي الخاصة بتنكات الامونيا السائلة ودروع الدبابات والعديد والعديد من المشاريع ذات الأهمية القصوى للأمن القومي؛ مما يدل على المستوى التقني الكبير للشركة وقدرتها على تنفيذ المشروعات العملاقة، هذا الأمر الذي تأكد بقيام الشركة بعد بيعها بتصنيع جميع أوعية الضغط العالي الخاصة بمحطات كهرباء الكريمات.. قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية - قرار رقم ٦٤٩ لسنة ١٩٩٥ – بإنشاء شركة بابكوك وويلكوكس مصر -منشور بالوقائع المصرية العدد ٤٧ الصادر في يوم الخميس الموافق ٢٣ فبراير سنة ١٩٩٥

هذا على الرغم من أن في ٣١ يناير سنة ١٩٩٤ عقد اجتماع مفاوضات مع ممثلي شركة بابكوك – التي اشترت الشركة فيما بعد بخصوص الشركة المشتركة مع شركة المراجل البخارية والذي تم في مكتب وزير الكهرباء والطاقة- آنذاك - المهندس ماهر أباظة وبحضور د. عاطف عبيد وزير قطاع الأعمال- آنذاك - وبحضور حوت قطاع الأعمال المهندس عبد الوهاب الحباك رئيس الشركة القابضة وقتها - وصبري عجلان مستشار وزير قطاع الأعمال وسعيد عيسى ومصطفى سويدان كممثلين لوزارة الكهرباء وقد نص الاتفاق على أن شركة بابكوك ستدخل شريكا وليس مشتريا مع الحكومة في شركة المراجل مقابل 71 مليون دولار بدلا من 261 مليون دولار (مشاركة وليس بيع كامل للأصول)

4- استمرارًا لسيناريو تخريب الشركة قام المستثمرون الجدد في عام 1002 -المجموعة الدولية للإستثمارات( IGI) لصاحبها محمد عبد المحسن هلال شتا -بتغيير اسمها إلى الشركة الدولية للأعمال المعدنية –(IBSF) بعدها تم تخفيض الإنتاج والعمالة بنسبة 80% بعد تخويف العاملين لدفعهم لتقديم استقالاتهم أو للخروج للمعاش المبكر مثل الأعمال التي لا علاقة لها بخبراتهم أو إلغاء سيارات نقل العمالة من والى الشركة وإلغاء التأمين الصحي والمميزات العينية ومد ساعات العمل وغير ذلك من أعمال منافية للقانون مع عدم صرف العلاوات الدورية بل وفصل بعض العمال المطالبين بحقوقهم - نفس السيناريو الذي عانى منه ومازال كل عمال مصر –

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد.. بل إن خالد شتا رئيس مجلس الإدارة قام في نوفمبر 2002 بخطوة جديدة بفصل 11فدان من أراضى ًالشركة وهدم ما عليها من منشآت؛ وهى عبارة عن ورشة صغيرة لتصنيع الغاليات الصغيرة ومخزن خامات ومبنى ومركز تدريب ألماني كان يقوم بتقديم وضخ العمالة المدربة للشركة ولسوق العمل وجامع الشركة ومبنى إداري مكون من طابقين مما دفع للجنة النقابية بالشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية بتقديم شكوى بتاريخ: 41 نوفمبر سنة 2002 إلى وزارة قطاع العمال العام ووزارة التجارة الخارجية بشأن الأوضاع المالية والفنية والإدارية بالشركة؛ و بناء عليه -في حينه -تم إبلاغ الجهات المعنية -الأمن العام وكافة الأجهزة المعنية بمحافظة الجيزة – بذلك تم تشكيل لجنة مما دفع (خالد شتا) بالقيام بإخفاء معالم الهدم والدمار بالتربة الزراعية التي احضرها من الخارج بواسطة معدات ضخمة وكأن شيئا لم يكن.. وقد تم إصدار أوامر -من الجهات المعنية -يوم الأحد الموافق 22/21/2002 بإخراج المقاول بالمعدات من الشركة التي قامت بعملية الهدم..و بناءا عليه طلب تشكيل لجنة تقصى حقائق -من وزارة قطاع الأعمال ووزارة التجارة الخارجية -على الطبيعة وذلك لتقديم تقرير عما يتم في الشركة وذلك لصالح الدولة والعاملين بها وأيضا لمخالفة ما تم بالشركة لنظام الخصخصة والعقد المبرم.

5- وفى 8 فبراير سنة 3002 ورد إلى اللجنة النقابية بالشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية كتاب رئاسة مجلس الوزراء مكتب الأمين العام مفاده: أنه ببحث الموضوع مع وزارة قطاع الأعمال أفادت أنه تم التنبيه العام على المستثمرين بعدم التصرف في أية أرض تملكها الشركة بعد الرجوع للوزارة في هذا الشأن، كما أفادت إدارة الشركة بالآتي:

بالنسبة لتخفيض الإنتاج المحلى من الغاليات الصغيرة الى15%؟

رد الشركة: يرجع سبب التخفيض إلى السماح بالاستيراد مع قصر التعريفة الجمركية على المنتج المستورد بنسبة 10 % فقط مقابل 30% على الخامات المستوردة للإنتاج المحلى ورغم ذلك فقد تم تحقيق حجم أعمال مناسب باستخدام تكنولوجيا حديثة في التصنيع بالتعاون مع هيئة كهرباء مصر.

بالنسبة لتخفيض العمالة من 9811 عاملا إلى270 عاملا حاليًا-آنذاك -؟

رد الشركة:تبين وجود 70 % عمالة زائدة، وتم تنفيذ برنامج للمعاش المبكر بالاتفاق مع النقابة العامة وبرضاء العاملين الذين رحبوا بصرف تعويضات 7,8 مليون جنية و تم تنفيذ برنامج لتحديث الإدارة وتعيين 22 من الكفاءات و 31 من الفنيين ذوى المهارة العالية

بالنسبة لبيع 11 فدانا من أراضى الشركة المقامة عليها؟

جاء رد الشركة: لم يتم بيع أية عقارات تملكها الشركة، وما يتم حاليا هو الاستغلال الأمثل للأصول في ضوء استخدام تكنولوجيا حديثة للتصنيع والتي لا تحتاج إلى المساحات الشاسعة التي كانت تحتاجها الشركة وقت إنشائها في الستينات.

6- كما أكد مسئولو وزارة التجارة الخارجية-قطاع سياسات الاستثمار والأوراق المالية – في ردهم على اللجنة النقابية بالشركة بتاريخ:17/7/2003 بأنه.. بدراسة الموضوع مع وزارة قطاع الأعمال العام، أفاد السيد وكيل الوزارة المشرف على قطاع مكتب الوزير أنة فور ورود الشكوى تم استدعاء السيد /خالد شتا رئيس مجلس إدارة الشركة وتم استعراض الشكوى المقدمة ضده و تم التنبيه عليه بعدم التصرف في أي أراض خاصة بالشركة إلا بعد الرجوع لوزارة قطاع الأعمال العام. وهنا تتبدى حكمة المتلاعبين في تفسير "الاستغلال الأمثل للأصول " فيما حدث بعد ذلك !!! الاستغلال الأمثل من وجهة نظر السيد (خالد شتا) جاء في 25/9/2005 عندما قام السيد/ خالد محمد عبد المحسن هلال شتا بفصل ملكية الأرض بالشهر العقاري إلى والده السيد/ محمد عبد المحسن هلال شتا تحت اسم: شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية بمكتب السجل العيني بالجيزة تحت رقم 563 في 25/9/2005 ثم في 8 ديسمبر2005م قام بتقسيم الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية إلى شركتين مساهمتين مصريتين بنفس المساهمة وبنفس نسب المساهمة وذلك بفصل نشاط التصنيع إلى الشركة الدولية لصناعة المراجل والأعمال المعدنية (شركة قاسمة) ويؤول إليها ملكية الآلات والمعدات والمعونة الفنية والعمال، وأن تكون الأنشطة العقارية والسياحية في الشركة الأخرى المنقسمة منها وهى شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية (شركة منقسمة) وتؤول إليها ملكية الأراضي والمباني والمنشآت وفقا للعقد المحرر بتاريخ 8/12/2005 بين كل من:

طرف أول مؤجر: السيد/ محمد عبد المحسن هلال شتا بصفته مساهم وعضو مجلس الإدارة

طرف ثاني مستأجر: السيد/ خالد محمد عبد المحسن هلال شتا بصفته رئيس مجلس الإدارة

وبذلك باع أرضا لشركة لحساب شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية المملوكة لوالده !!! وأصبحت الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية مجرد مستأجر وموجداته الآلات والمعدات والمعونة الفنية والعمال.. وهكذا بكل بساطة فشتا باع لشتا ولا من شاف ولا من درى، على الرغم من المخالفة الصريحة لعقد البيع وتحولت الأرض من ملكية عامة التي هي في الأصل ملكية الشعب إلى ملكية خاصة بالطرق غير المشروعة.

ولم يلتفت احد من مسئولي قطاع الأعمال ووزارة الاستثمار لهذا التصرف رغم تجاوز الصارخ لبنود عقد بيع الشركة والذي ينص على الاحتفاظ بنشاط واستثمارات الشركة لمدة 25سنة

7- و تأسيسا على ذلك قام خالد شتا باستئجار الأرض والمباني والمنشآت من والده لحساب نشاط الشركة الدولية لتصنيع المراجل والأعمال المعدنية لمدة عامين بداية من أول أكتوبر 2005 وحتى نهاية سبتمبر2007م مع إمكانية مد العقد لعام اضافي إلى سبتمبر القادم 2008م والذي قام خلاله بالعديد من المحاولات مع اللجنة النقابية بالشركة والنقابة العامة للصناعات الهندسية لإقناعهم بالصلح والتنازل عن الدعاوى المرفوعة ضد الشركة، وقد تم له ما أراد وتم التنازل لأن عمالنا طيبون وغلابة وعايزين يعيشوا ولو يعلمون نيته وما يخطط له في الخفاء ما تنازلوا لكن تقول إيه!!!! مشهد النهاية لهذا السيناريو الهزيل.. والذي قام بوضعه خالد شتا، فقبل نهاية مدة عقد الإيجار.. وبعد أن جمعته لغة المصالح برجل الأعمال نصيف ساويرس الساعي للسيطرة على صناعة محطات الطاقة الكهربائية والنووية في مصر والوطن العربي؛ حيث قام الاثنان في يوم ٢٤ فبراير الماضي بزيارة تفقدية للشركة؛ عقد بعدها خالد شتا اجتماعا مع مديري الإدارات بالشركة ابلغهم فيه ببيعه للشركة لساويرس مقابل ١٣,٦ مليون دولار، حيث يشترى ساويرس المعدات والمعونة الفنية ويرث فوقهم العمال وانه سيتم نقل المعدات والعمال إلى فروع شركات ساويرس بالسادس من أكتوبر والعين السخنة وأبو رواش

في موعد غايته نهاية سبتمبر ٢٠٠٨ القادم وهو موعد انتهاء عقد إيجار الأرض التي أصبحت ملكا لوالد خالد شتا "محمد عبد المحسن هلال شتا" تحت مسمى شركة الخلود للتنمية العقارية والسياحية ؟!!

أما العمال الذين يزيد عددهم على ٧٥٠ عاملا – مابين عمالة دائمة وعمالة مؤقتة، يومية وبعقود - فلا مكان لهم في حسابات المصالح وبزنس رجال الأعمال وأصبحوا في خبر كان بعد أن ضاعت حقوقهم ومكتسباتهم ضمن لعبة رجال الأعمال – فلم توفر لهم الصفقة من حقوقهم ومكتسباتهم سوى التشريد بنقلهم من مقر الشركة (بمنيل شيحة – الجيزة) إلى مناطق متفرقة في ٦ أكتوبر على مشارف القاهرة والعين السخنة بالسويس وأبو رواش بالهرم- في صفقة أهدرت فيها طاقات إنتاجية وبشرية، بما يعنى إهدار المستقبل وإمكانياته المتاحة.. وأصبحوا مهددين بفقد عملهم وتضيع سنوات خبرتهم العظيمة في هذه الصناعة العظيمة أيضا.. وانضمامهم لطابور البطالة وان يعيشوا مرارة تجربة هدر الطاقة وتبديد الثروة..

8- وقد أغمض المسئولون أعينهم عما يجرى - على مدار ١٤ سنة ماضية - واكتفوا بالفرجة على السيناريو المحكم لتبديد ثروة الوطن الصناعية؛ وكأن فساد فئة من المستثمرين.. مخطط أو هو الخطة الوحيدة في بلادنا

فلتحيا المنتجعات السياحية التي تعود هؤلاء على العيش فيها فاستمتعوا وهم من حبهم لمصر والمصريين مندفعين لتحويل مصر كلها لمنتجع سياحي !! وأخطر ما في هذه الفضيحة أن هذه الأرض منزوعة الملكية وتم الاستيلاء عليها للمنفعة العامة ) بقرار من رئيس الجمهورية لإقامة مشروع مصنع شركة النصر لصناعة المراجل البخارية وأوعية الضغط) (أصحابها الفعليون بمنطقة منيل شيحة؛ منهم الموجود على قيد الحياة

ومنهم من توفى والورثة موجودون على قيد الحياة ويمتلكون عقود ملكيتهم لهذه الأرض التي تم انتزاعها للمنفعة العامة.

- ٣٠ يوليو سنة ١٩٦٢ الجريدة الرسمية - العدد ١٧٢ في ٣٠ يوليو سنة ١٩٦٢

إضافة تعليق