شهادتى للتاريخ قبل انهيار الحصن الأخير! ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 21 - 4 - 2007

أسمحوا لى أن أتكلم ربما كلمتى الأخيرة إن قدر الله لنا فى موضوع تزوير الانتخابات فى دائرة دمنهور وزاوية غزال وأرجو ألا يلومنى أحد على انشغالى بمقعد طار مثله كثير أو على حزنى لفقده وحديثى عنه كثيرا فالموضوع أكبر من ذلك وأخطر مما يتصوره البعض !

فمقعد دمنهور – لاشك – أنه واحد من أهم أسباب إخراج القضاة من العملية الإنتخابية بتعديل المادة 88 فى الدستور ! لما قدموه من مواقف حرة منعت التزوير مرة عام 2000م ونجحت رغم أنف الكارهين الذين احترقوا لحظة إعلان النتيجة ورصدته عام 2003م عندما رفض 49 قاض استلام مكافأة الإشراف ورفعوا مذكرة لرئيس المجلس الأعلى للقضاة رفضوا فيها ماتم من منع للناخبين وتزوير فى 18 لجنة حددوا تبعية رؤساءها وفضحته عام 2005م عندما شهد 151 رئيس لجنة من القضاة منهم المستشارة نهى الزينى بأن النتيجة المعلنة خالفت الحقيقة ، لذلك كان لابد من إبعاد القضاة ولكن لماذا الإصرار على إبعادى؟!!

للآن لم أفهم سر هذا الإصرار الذى أهان مؤسسات فى الدولة حشدت قواتها واعتدت على الشعب المصرى وحاصرته وحصرت نفسها فى وعى شعبها فى صورة العدو الصهيونى المعتدى على شعبنا الفلسطينى الشقيق !! وأحرج مسئولين رفيعى المستوى لتدخلهم السافر لإسقاطى ! رغم أن كلفة بقائى فى المجلس أخف مما تكلفوه من إهانات وإساءات ووصمات عار ارتبطت بأشخاص لن يكفيهم ماء البحر كى يتطهروا منه !!

المهم هذه الشهادة أذكرها اليوم بمناسبة إصدار تقرير محكمة النقض الذى خرج معيبا وبعيدا عن صحيح القانون وهو ما سنتصدى له بالأسلوب القانونى فى مكانه وفى وقته ، أما هنا فسأسرد على الدنيا كلها نص شهادتى أمام المستشار عطية النادى الذى سلم الطعن -لإعارته الى الكويت – لرئيس الدائرة المستشار يحيى عارف –المحامى العام لنيابات الأسكندرية الأسبق – ونظرا لخطورة التقرير الذى أهدر شهادة القضاة فى سابقة خطيرة لم تشهدها السلطة القضائية من قبل حيث كان هذا الطعن هو ساحة المواجهة بين القضاة الشرفاء الذين هبوا للدفاع عن استقلال القضاء وبين السلطة التنفيذية التى تتدخل بقوة القانون أحيانا وبسيف المعز وذهبه أحيانا أخرى لإهدار حياد القضاة ووقوفهم فى وجه تغولها !!

ولنبدأ الشهادة ثم نتابع ما حدث بعدها حتى التورط فى إصدار تقرير أخطائه أكثر من حقائقه !!

وتبدأ الشهادة باستدعاء مفاجئ يوم الثلاثاء 16 مايو 2006م لمحكمة النقض للإستماع لأقوالى فى الطعن المقدم منى على وجه السرعة فى الوقت الذى كانت انتفاضة القضاة على أشدها ولكن تعذر حضورى فأصر المستشار عطية النادى على التأجيل فقط حتى يوم الخميس 18 مايو وذهبنا وبعد التحية وأخذ البيانات كان الحوار:

س: ماهو موضوع الطعن الذى تقدمت به؟

الطعن فى إعلان النتيجة النهائية التى أعلنت على خلاف الحقيقة

س: حضرتك حصلت على كم صوت؟

حقيقى ولا مزور

س: حقيقى ومزور

حصلت على أكثر من 31 ألف صوت والمنافس على أكثر من 6 آلاف صوت تحول الى 19 ألف وشوية لى ولأكثر من 22 الف صوت للمنافس !

س: ماذا حدث ؟

اتكلم بصراحة

س: أه طبعا بكل صراحة

حتى الساعة الواحدة صباحا 21 نوفمبر 2005م كاد الفرز أن ينتهى ونحن نجمع الأصوات من محاضر الفرز فى أيدى القضاة وبعد أن انتهى الفرز ورصد الأصوات ,أغلق رئيس اللجنة مقر الرصد عليه وكان رؤساء اللجان يتوافدون لتسليم النتائج وكثير منهم هنأنى ولم يسمح لأحد من المرشحين أو مندوبيهم بالحضور وجائنى بعض القضاة وأخبرونى بضرورة تواجدى بالداخل حيث هناك شيئ ما يحدث ، وعندما حاولت الدخول تدخل الأمن ومنعنى ولكنى أصريت حتى تمكنت من الدخول فأوقف رئيس اللجنة الفرز وقال طلباتك ، فقلت له من حقى الحضور لأن الإدلاء بالصوت فقط هو العمل السرى الوحيد أم الفرز فعلانيته واجبة وما المبرر من إخراجنا كمرشحين وتواجد قوات أمن من المباحث بالداخل ،قال فين ؟ فأشرت له على بعضهم فأمر بإخراجهم ولكنه اعتذر عن تواجد أى مرشح أو مندوب له وقال إذا كنت تشك فى فيمكنك الطعن فى لتغييرى !

فقلت ألا يمكن أن نثق فيك ونبقى إعمالا لحقنا؟! فرفض وأصر وتدخل رجال الأمن لإخراج كل المتواجدين , هنا تم الإتصال بلجنة مراقبة الإنتخابات فى نادى القضاة وتم إخبارهم بما حدث , وأبلغنا السيد المستشار أحمد مكى بأنه اتصل برئيس اللجنة المستشار أحمد عبد الستار نصار ليستعلم منه عن سبب إخراج المرشحين وتأخير النتيجة حتى الساعة الثالثة رغم انتهاء عملية الفرز !! فرد عليه بأن الدكتور جمال حشمت نجح والمشكلة فى مقعد العمال وده سبب تأخير النتيجة ، ورغم ذلك أوصانا المستشار أحمد مكى بضرورة التواجد بالداخل وهو ما حال الأمن بيننا وبينه !!

ثم فوجئنا فى الساعة السابعة بعد أن أخرج الأمن كل المتواجدين فى ساحة المدرسة المحيطة بحجرة الجمع والمداولة بأن الفائز هو المنافس مرشح الحزب الوطنى على غير الحقيقة

س: وايه اللى حصل؟

تقريبا فى تمام الساعة الرابعة اتصلت شخصية نافذة مسئولة من رئاسة الجمهورية بالمستشار نصار وطلبت منه تعديل النتيجة لصالح مرشح الحزب الوطنى فرفض فى البداية قائلا دا الفرق مش ألفين صوت ده أكثر من عشرين ألف صوت أبعتها لحضرتك تتصرف فيها فرد عليه مهددا انت مش حاتخرج من مكانك إلا بعد ماتنفذ اللى قلت لك عليه وانت مش أغلى من ماهر الجندى !! ثم بعد ربع ساعة اتصل وزير العدل ورئيس لجنة العليا للانتخابات بالمستشار نصار وقال نفذ المطلوب !!

س: ايه شهودك على كده ؟

الشاهد موجود لو سمحت المحكمة باستدعائه سيشهد بما علم فى هذا الصدد وقد اعترف له المستشار نصار بذلك فى لحظة ندم بعد الإنتخابات

س: مستنداتك إيه؟

هذه صورة من محضر اعلان النتيجة النهائية للجولة الأولى وتلك صورة من محضر إعلان نتيجة الجولة الثانية توقيع نواب رئيس اللجنة غير موجود على الجولة الأولى وتوقيع رئيس اللجنة مختلف فى المحضرين

وده معناه ايه؟

معناه أن رئيس اللجنة لم يوقع محضر الجولة الأولى لأن توقيعه الحقيقى على محضر الجولة الثانية وهو ما أطعن عليه بالتزوير

س: وايه كمان؟

هذه شهادة 151 رئيس لجنة من 160 لجنة بالدائرة شهدوا بها أمام نادى قضاة الأسكندرية تانى وثالث يوم بعد إعلان نتيجة مغايرة لما أقروه فى محاضر الفرز

س: والأرقام دى بتاعة ايه؟

هذه الأرقام التى تذكروها فى حدها الأدنى لى وحدها الأقصى لمرشح الحزب الوطنى وأدلوا بها أمام لجنة تقصى الحقائق فى نادى القضاة

س: وايه كمان؟

هذا بلاغ للمحامى العام لنيابات البحيرة أتهم فيها المستشار أحمد عبد الستار نصار بالتزوير فى 22 نوفمبر 2005م أخذ فيه أقوالى وتحول للمكتب الفنى ثم نيابة الاستئناف فى القاهرة ثم نيابة أمن الدولة ودفن فى الأدراج حتى هذه اللحظة

س: وايه كمان؟

هذه صورة فوتوغرافية تجمع بين مرشح الحزب الوطنى ورئيس لجنة الإنتخابات فى حفلة خاصة بفندق السلام ملك ممدوح اسماعيل اللى غرق العبارة وهرب ومعهم فى الصورة اللواء مصطفى عبد القادر وحمادة إمام وغيرهم وده معناه انهما أصحاب وأنا فى الجامعة لما يكون لى قريب من الدرجة الرابعة ممنوع أدخل الكنترول فكان أولى بسيادة المستشار أن يتنحى عن الإشراف على لجنة دائرة فيها صاحبه وحبيبه أم أنه جاء لها لأمر ما ؟

س: حاجة ثانية تحب تقدمها ؟

نعم هذه شهادة المستشارة نهى الزينى أحد رؤساء اللجان الفرعية فى الدائرة فى جريدة المصرى اليوم على الرأى العام تعلن التجاوزات التى تمت أثناء الرصد والتجميع حتى أخرجها رئيس اللجنة العامة

س: حاجة تانية؟

هناك تقارير لمنظمات المجتمع المدنى المصرية والأجنبية حول انتخابات الدائرة أرجو السماح لى بايداعها فيما بعد

س: ان شاء الله.... طلباتك ؟

أولا ضم محاضر الفرز لكل لجنة ومحاضر فتح اللجان لمطابقة التوقيعات لرؤساء اللجان خاصة بعد محاولات تعديل محاضر الفرز لمدة أربع ساعات فى اللجنة بعد صدور تعليمات التزوير

ثانيا ضم نماذج محاضر النتيجة النهائية فى الجولة الأولى والثانية لمطابقة التوقيعات

وهكذا انتهت شهادتى التى لم يسمح بغيرها بعد ذلك حيث خاطبنا الدائرة مرارا وتكرارا لإضافة مستندات وابداء مرافعة أو مطالعة لأوراق العملية الانتخابية التى كان يجب إحضارها من مديرية أمن البحيرة ولكن لا حياة لمن تنادى ثم تطورت الأحداث على الوجه التالى:

01 تصريحات لمرشح الحزب الوطنى الذى قبل التزوير ودافع عنه بأن لو تقرير المحكمة صدر بالتزوير فسأتقدم باستقالتى فورا حتى وصل العرض فى آخر تصريح له بجامعة الأسكندرية " إلا إذا كان بسبب أنا مش مسئول عنه"!!

02 ظهر المستشار مقبل شاكر رئيس محكمة النقض على صفحات المصرى اليوم وشاشة العاشرة مساءا يجزم بأنه ليس هناك تزوير وتم التحقيق فى شهادة المستشارة نهى الزينى ولم يثبت أن هناك تزوير قولا واحدا !!

03 بتصريح رئيس محكمة النقض تأكدنا من اختراق الدائرة التى تحقق فى الطعن فطلبنا صورة من الجدول فى 18 مارس 2007م وهو ما يؤكد كيفية التصرف فى الطعن وهو حق للمتقاضى يحصل عليه فور تقدمه بالطلب ولكن حتى اليوم وبعد مرور أكثر من شهر لم نحصل على رد سوى الصمت منذ 18 مايو 2006م بل وجدنا تأشيرة عجيبة على الطلب بتحويله الى رئيس الدائرة رغم أنها مهمة موظف وليس مستشارا !!

04 فى ظل هذا الغموض تقدمنا بطلب رد رئيس الدائرة المستشار يحيى عارف فأصدر المستشار رئيس المحكمة قرارا بعدم استلام الرد وتقدمنا بعمل محضر فى قسم شرطة الأزبكية لإثبات الحالة ثم أرسلنا إنذارا على يد محضر لرئيس المحكمة لاستلام الرد ولرئيس الدائرة بالتنحى عن نظر الطعن ورفضت المحكمة أيضا استلامه!

05 أغلق المستشار بابه على نفسه وقد شعر الجميع بالورطة فلا رد على طلباتنا ولا صورة من الجدول لنعرف ماذا حدث فى قضيتنا ولا تقرير يصدر بعد النظر فى الطعن !!

حالة من الإرتباك والسربعة جعلت مديرية أمن البحيرة بالتعاون مع مباحث أمن الدولة تكتب تقريرا مفبركا عن اوراق العملية الإنتخابية التى لم تذهب لمحكمة النقض- وإلا كان يجب أن نطلع عليها - وهذا ماأكد العبث بالأوراق التى سمعنا عنها بعد انتهاء الانتخابات والتزوير الذى تم فى المحاضر !! وخرج التقرير معيبا من الناحية القانونية فى الشكل والمضمون ووصل ليد المطعون فيه مرشح الحزب الوطنى والذى أرسله بدوره للصحف لنشره بينما عجزت أنا صاحب الطعن فى الحصول على نسخة منه فى الوقت الذى تم فيه اعتقال المحامى الذى يباشر قضيتى يوم 5 ابريل الماضى !! و تجول مرشح الحزب الوطنى الذى قبل بالتزوير على الفضائيات ليسوق للتقرير من وجهة نظره دون أن تتاح الفرصة لصاحب الحق الذى صدر التقرير بإبطال الإنتخابات لصالحه !! فكانت التهنئة لمن أبطل التقرير عضويته !! والسبب أنه ألغى تهمة التزوير ولكن بكلام مرسل - سنرد عليه قريبا ان شاء الله-

والآن بعد أن صدر التقرير من المستشار الذى تم رده فى تاريخ يسبق تاريخ صدور التقرير ،التساؤل ماذا يعنى بالنسبة لنا نحن المصريين الشرفاء الذين نرفض أن نتلوث بالفساد الذى يغرق فيه نظام الحكم فى مصر ؟!!

أولا أن التقرير أكد نصف الحقيقة وهى بطلان عضوية المرشح الذى قبل بالتزوير ولكنه ابتعد عن النصف الآخر وهو تزوير الانتخابات كسبب للبطلان !

ثانيا أن السياسة تدخلت فى صياغة التقرير حيث أن مضمونه ينبئ عن فساده لإنتهائه الى رأى فيما لم يحققه !

حيث لم تناظر المحكمة بنفسها النماذج الأصلية التى طلبت الحصول عليها ولم تطلب سماع شهادة القضاة الـ 151 ولم تعلن نتائج جمع الأصوات التى أجرتها هى بعيدا عن ادعاءات الطاعن !! وهنا ترتد تهمة التسييس التى ما فتئ النظام يتهم بها الشرفاء من القضاة

ثالثا هذا تقرير سياسى أكثر منه قضائى حيث بنفيه التزوير بكلام مرسل دون تحقيق يكون قد أسبغ الحماية على أربع شخصيات يمثلون فى مجملهم السلطة التنفيذية هم من أمر بالتزوير ومن مارس ونفذ التزوير ومن قبل به ودافع عنه ثم أخيرا من أنكره على صفحات الصحف وشاشات الفضائيات ولا حول ولا قوة إلا بالله

أاسف على الإطالة وأوعدكم - يا من استكثرتم علينا الحديث دوما على حق مسلوب نهارا جهارا ثم تطلبون منا أن نفعل شيئا من أجل الوطن بدلا من البكاء على مقعد لا يستحق - أن نصمت بعد ذلك لكن اعلموا أن القضية كانت ومازالت أكبر من مقعد تم سرقته ونهبه ضمن مقاعد كثيرة أخرى ! فالقضية هى عناد واستكبار نظام لا ينظر إلا لمصالحه حتى لو استلزم الأمر مواجهة غير شريفة مع السلطة القضائية !!

لأن التقرير ببساطة كذب كل من أدلى بشهادة حق من القضاة وأهدر مجهودهم الشريف والضخم الذى بذل لتحقيق العدل فى مهمة وطنية دون مبرر !!وهم أقدر بالدفاع عن أنفسهم.

لأن الموضوع ببساطة أكثر: مين يطلع جمال حشمت لكل ما تم ضده ومين يطلع مرشح الوطنى لكل ما تم من أجله ؟!! هل هما الإخوان المسلمون بكل تاريخهم النضالى أوالحزب الوطنى بكل ما أساء به للدين والوطن والشعب!!

إن سفينة الوطن تغرق ولابد من الوقوف فى وجه ربان يظن أنه سينجو بنفسه فى آخر لحظة !! ولا يدرى أن انهيار حصن القضاء بهذه الصورة لن يسمح لأحد بالنجاة !! أحبابى وأحباب مصر والحق والعدل أيديكم فى أيدينا و لا تسمحوا بإنهيار الحصن الأخير أعزنا وأعزكم الله وآخر دعوانا الحمدلله رب العالمين

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق