سيادتك عمرى يا افندم !! ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 12 - 2 - 2006

أمقت النفاق وأزدرى المنافقين ويسقط من نظرى كل من يستحسن النفاق ويعجب بالمنافقين , ولعل المنافقين هم أشد أصناف البشر شرا فهم حالة شاذة بين الكفر والإيمان بين الباطل والحق يتلونون مع كل عصر ويتعاملون مع كل قائد على أنه وحيدعصره وفريد زمانه ويخدعون اى إنسان يتعامل معهم فهم بوجوه متعددة , والنفاق يزدهر فى مناخ الظلم و الإستبداد ليحمى المنافق نفسه ومكتسباته يخطو على جثث أقرانه ويستولى على حقوق ليست له ولايجد فى نفسه شكوى ولا فى صدره حرج وينام قرير العين ثم يدعى بفجر أنه صاحب حق !! والنفاق عدوى تصيب الضعفاء فى المجتمع طمعا فى مكسب لايأتى بالمجهود والسعى فى مجتمع الظلم, تذكرت هذه المعانى عندما سمعت خبر المستشار الذى عمل فى القضاء 40 عاما ثم تم تعيينه محافظا للشرقية (وأكيد للتعيين قصة !) وهو أمام رئيس الجمهورية كأنه أمام مالك الملك بجد ! فإذا به يرد على سيادته عندما سأله إنت منين ؟ فرد لافض فوه (اللى تأمر بيه ياأفندم )!! وذكرنى رد سيادة المستشار المفحم الذى أسكت الرئيس فلم يجد غير إبتسامة !! بحادثة حدثت عندما سأل الرئيس عبد الناصر موظفا كبيرا عن أغنية أم كلثوم الأخيرة لهذا الشهر وكانت (إنت عمرى) فرد السيد الموظف (سيادتك عمرى ياأفندم !!) أدبا وحرجا أو خوفا وتملقا المهم العينة واحدة .

إن تعيين المحاسيب والمعارف والشركاء فى المصالح وفى دواوين الوزارات والمصالح ومنحهم عضوية مجلسى الشعب والشورى إنما هو من باب النفاق أو مكافأة للنفاق والمنافقين وهى ظاهرة إستفحلت فى مصر ودفع تمنها الشعب المصرى من دمه وروحه ولعل حادث غرق العبارة وعليها أكثر من ألف وأربعمائة مواطن لهو أكبر دليل ومازالت محاولات حماية صاحبها مستمرة وهنا أتذكر طلب الإحاطة الذى تقدمت به ضد ذات الشركة عام 2002م عندما إشتكى أصحاب الشركات السياحية من إحتكار الشركة لخط السفر البحرى الوحيد والمباشر بين مصر والسعودية مما جعلها تتحكم فى الأسعار والمواعيد ونوعيات الركاب والتفرقة بينهم مابين معتمر أوعامل أو موظف ولم يرد على أحد لأن الباشا متحصن وهو يتاجر فى أموال الكبار الذين حصنوه وهو نفس السبب الذى منح وزير الداخلية -أى وزير للداخلية- نفس الحصانة لأنه يقوم بمهمة قومية فى حماية الكبار من غضب الشعب وهكذا لانتعجب إذا سمعنا أن القاضى الذى أفرج عن الضباط المتهمين بالتعذيب فى قضية الـ44 تم تعينه بـوظيفة محافظ ومازال يستمتع بها حتى الآن , ومثال السيد المستشار الذى قام بتزوير الإنتخابات فى دائرة الرمل يونيو2002م ودمنهور فى يناير 2003م وعندما اعترض بعض القضاة الشرفاء تم ترقيته الى منصب مساعد وزير العدل لشئون مجلسى الشعب والشورى (سكرتارية يعنى !) , من هنا ندرك أهمية ما يقوم به نادى القضاة للمحافظة على سمعة وكرامة القضاة وحمايتهم من شر النفاق والمنافقين وهو مما لاشك فيه دور يحتاج دعما شعبيا ووقفة قوية من كل مؤسسات المجتمع الحر لإنقاذ الحصن الأخير الذى يدافع عن المصريين .

العجيب فى هؤلاء المنافقين أنهم لايدركون أن أسيادهم من الممكن أن يضحوا بهم فى أقرب فرصة إذا إشتموا منهم طموحا أو طمعا أو رأوا فيهم تميزا يهدد مكانتهم وهوما حدث مع عدد كبير من هؤلاء الذين عاينت بعضعهم فى سجن مزرعة طرة وكذلك الذين سجنوهم وهم طلقاء مثل المفكر المسكين أياه وكل الذين زوروا لهم الإنتخابات بصورة مفضوحة كأن هناك قصدا لإذلالهم , أولئك فقدوا نظرة الإحترام وبقيت لهم عند الناس رهبة الخوف أو رغبة المصلحة والتى تظهر مع كلمات المنافقين الذين يسبونهم فور الإبتعاد عنهم , وكذلك يعانون وهم النجوم من أزمة المواجهة المباشرة المفاجئة لذا فقد اختفوا من اللقاءات العامة التى تسمح بالحوار أو البرامج التلفزيونية التى تبيح التساؤل على الهواء مباشرة حتى معرض الكتاب الدولى الذى كان مناسبة لاستعراض الأفكار والعضلات لم يجروء أحد من أولئك المساكين فى الذهاب اليه للقاء الجماهير وقد صدعونا سنينا طويلة بالحديث عن الصدق والحرية والشفافية والديمقراطية وهو أمر يحسب لهم أن أراحونا من هذا الغثاء الذى لاواقع له فى نفوسهم أو واقع حياتهم وحالة النفاق هذه تصيب أيضا الدول ومصر لاشك أنها من تلك الدول التى اعتمدت فكرة( نافق تسلم وعاند تغنم واشغل نفسك بنفسك وأياك واللى يقاسمك) لذا وجدنا مصر تصوت فى وكالة الطاقة الذرية لصالح تحويل ملف إيران النووى الى مجلس الأمن لتوقيع عقوبات عليها !! وهو ما يصب فى خانة المصالح الأمريكية والصهيونية فى تجاهل تام لحق إيران من الإستخدام السلمى للطاقة مثل كل الدول التى خالفت الإتفاقات مثل البرازيل والمكسيك والأرجنتين وكوريا الشمالية وغيرهم وكذلك الموافقة الضمنية لإستحواذ الكيان الصهيونى على الأسلحة النووية بعد أن ناضلت مصر حنجوريا ضد المشروع الصهيونى وطالبت بنزع أسلحة الدمار الشامل من منطقة الشرق الأوسط دون أى إستثناء !! هل نعتبر ذلك نفاقا لصاحب السلطان الذى يمنح صك الحياة للأنظمة , لقد وزنت مصالح الوطن بمصالح الحكام فرجحت مصالحهم ليستمروا فى الحكم مهما كان الثمن ويستمر نظام سيادتك عمرى ياريس !!

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق