حوار له ما بعده!! ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 18 - 3 - 2006

قلت له بصدق صعبان علىَ النظام المصرى فقد إفتقد للنصير فضلا عن إنعدام المحب حتى من بعض حماته وحراسه !! قال: بعد كل مافعل بالمصريين تقول صعبان عليك !! هذا النظام برموزه لم يرحموا أحدا ولم يراعوا حقا ولم يساندوا مظلوما وما أكثرهم فى بلادنا وبعد كل ده تقول صعبان عليك !! ، هذا النظام الذى لم يصعب عليه أحد لاجوعى إنتفاضة الفقر ولا جنود الأمن المركزى المقهورين الذين يتولون حمايته ولا ضحايا القطارات المحروقة ولاغرقى العبارات من إكسبريس حتى السلام 98 الذين سرقوا تبرعاتهم ولا الشباب الذى فقد الأمل فى بناء أسرة أو الحصول على وظيفة،هذا النظام الذىلم يحمى عماله الذين أضطروا إلى اللجوء للمعاش المبكر فجلس الأب بجوار إبنه !! يحتاج كلاهما للدعم والمساندة ولم يصعب عليه العمالة المؤقتة التى تعمل دون أى إحساس بالأمان الوظيفى ! وصدق حدسهم فطرد النظام منهم الآلاف والباقى فى الطريق فى التربية والتعليم والرى والبترول والإدارة المحلية من مراكز المعلومات وكلهم شباب زى الورد رضوا ب 150-300 جنيه فى الشهر لاتكفى فردا بطوله لكنها الرغبة فى الحلال والستر الذى يأبى أن يلفنا فى ظل أولئك الظلمة وبعد ده كله تقول صعبان عليك !!

أربكنى حديثه المنطلق بلا توقف وقلت له :الحقيقة أنا عارف كل ده وأسوأ منه لكنى لم أقصد تبرئة النظام الذى تسبب وجوده واستمراره فى تلوث الماء والطعام والأرض والهواء والضمائر فى مصر وعند المصريين!! فقط كنت أود أن يخدم نفسه ويسوق أفراده ويجلب رضا الناس حتى يضمن بقاء أطول أو خروجا مشرفا ولكن ربنا سبحانه وتعالى جعل كل كلماتهم غير موفقة وكل مواقفهم مخزية وكل قراراتهم مهلكة للحرث والنسل فأورثهم الله إرتباكا وخزيا ومهانة فى الداخل والخارج والأسوأ من ذلك أنهم مع بعض لايدركون خطورة تصوراتهم البعيدة عن الواقع وتصرفاتهم التى تزيد من الإحتقان والغضب الكامن فى نفوس المصريين كبارا وصغارا وقد لاحظت هذه الأيام أنه لايوجد أحد يدافع عن النظام بأفراده وسياساته أو يلتمس لهم عذرا وربما نجد بعضا من التأييد عند شريحة رجال الأعمال -الهاى مش كلهم طبعا !- وشريحة كبار رجال الشرطة –مش كلهم برضه- وممن يحمون النظام بل يحمون مصالحهم التى إندمجت وانصهرت مع النظام الحاكم .

أنصت محدثى لما أقول فشجعنى على الإستمرار بأنه كانت هناك فرصة للفكر الجديد كى يتقرب من الشعب ويسوق نفسه كوريث منتخب !!! ولكن هيهات ، فلو أدرك هؤلاء أن ملفا كملف المعتقلين والمعذبين لو تم الإهتمام به وإنهاؤه لكان كفيلا بحدوث صدى إنسانى يمهد الطريق وملفا كالبطالة لو تم توفير المليارات التى نهبت وتقليص حجم الأرباح الخاصة بالنخبة القريبة من الفكر الجديد !! وتوجيهها إلى مشروعات وطنية صغيرة وكبيرة تستوعب هذه الملايين العاطلة وتطعم تلك الأفواه الجائعة وتحقق أحلام البسطاء فى حياة بسيطة كريمة لاتماثل ولاتقترب من حياة البذخ والترف التى تحياها مجموعات الفكر الجديد ، لكان كل هذا كفيلا بإنهاء الإحتقان وتهيئة المناخ لإنتقال سلمى بتأييد شعبى للسلطة ولكن لاتنسى أن هذه المواقف فضلا عن أن أولئك لايملكون القدرة على تنفيذها إنما تعنى –لو فعلوها- أنهم يحبون مصر وأنا أقسم بالله أن أحدا منهم لايحب مصر ولايتمنى الخير لمصر أو للمصريين ومن يرفض قسمى يقولنا طب بأمارة إيه بيحبوا مصر ؟!!! بأمارة عسكرة الدولة كلها وتحويل مصر لسجن كبير، أم بأمارة إستمرار الطوارئ أكثر من25 سنة ، ولا بأمارة تزوير الإنتخابات وقتل الناخبين وتلفيق القضايا للمعارضين ونهب أموالهم ، ولا بأمارة تمرير أصوات نواب المجلس المحترم الموقر لإنتزاع تفويض تجارة السلاح دون تقديم كشف حساب للتلاثين سنة الماضية رغم شيوع وعلانية حسابات وأنواع السلاح على مستوى العالم ، ولا ...ولا... ولا الكلام حيطول ويعيد بعضه .

وأردت أن أختم كلامى لمحاورى فلم أجد أجمل مما كتبه الدكتور المسيرى على هؤلاء النخب الساجدة تحت أقدام النظام بقوله(ولا شك في أن أعضاء هذه الجماعة يتسمون بحركية شديدة. كل هذا يجعلهم كيانات مجردة وأدوات قمع في نظر مجتمـعاتهم، تماماً كما أنهـم لا ينظرون إلى مجتمعـاتهم باعتبـارها كيانات حية ينتمون إليها. فهم ينظرون إلى الفلاح الذي يرتدي جلبابه، مثلاً، باعتباره عبئاً لابد من التخلص منه ومشكلة تحتاج للحل. وهؤلاء المثقفون يشبهون في كثير من الأحيان يهود البلاط الذين كانوا يشكلون جماعة وظيفية تقف بين عالمين (عالم اليهود وعالم الأغيار) جماعة تتعامل مع كليهما بكفاءة دون أن تنتمي لأي منهما. ولذا، فإن أعضاء هذه الجماعة يعيشون في عدم طمأنينة، يحاولون إرضاء أسيادهم قدر استطاعتهم عن طريق الخضوع لقوانينه، ولكنهم في الوقت نفسه لا يمكنهم الانضمام له تماماً لأن وظيفتهم تتطلب منهم أن يطوروا مجتمعاتهم حتى يمكن إدخالها إلى النظام العالمي.

ونحن نرى أن النظام العالمي الجديد ينطلق من إدراك الدول الغربية صعوبة المواجهة العسكرية والأيديولوجية الواضحة مع شعوب العالم الثالث (وخصوصاً الشعوب الإسلامية)، وإدراكها أيضاً ظهور نخبة ثقافية محلية على استعداد كامل للتعاون معها والقيام على خدمتها، فقررت أن تلجأ إلى التفكيك الداخلي (من خلال النخبة المحلية ) بدلاً من المواجهة المباشرة من خلال الجيوش وآليات الحرب التقليدية الأخرى.( انتهى .

على العموم النظام حالته تصعب على الكافر مش على أنا بس ! ولعل إستقالات البعض من رموزه والتى ربما تزداد فى محاولة لملء الفراغ الناشئ عن غياب الأحزاب وفى ظل الوجود القوى للإخوان دليل على الحالة الكرب التى وصل لها الحزب الوطني بفضل الله ثم بفضل دعوات المظلومين وأيضا بفضل رجاله الموهوبين حفظهم الله وسدد خطاهم على طريق ازاحتهم من مقاعدهم إن شاء الله رحمة بالشعب المصرى المطلوب بقوة فى ساحات المقاومة السلمية والرفض الشعبى لكل علامات الظلم ومعاول الفساد ومعالم الإستبداد كى يستمتع بثمار غرسه ونتاج كفاحه فلن يناضل عنه أحد ولن يهتم بأمره أحد والله ناظر كيف يستعيد الشعب حريته؟ وإن غدا لناظره قريب

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق