المصريون فى الخارج !! ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 29 - 4 - 2007

إذا كان الحديث عن المصريين فى الخارج من زاوية دور الدولة المصرية فى رعاية شئونهم فلن نجد فارقا فى المعاملة بين مصريى الداخل والخارج فالجميع قد سقطوا من حسابات النظام الذى وطن نفسه على أنه لايحتاج لأحد لأنه لايرى إلا نفسه ومصالحه وهو ما يجعله يفتقد الحس الوطنى بمشاكل المصريين فى الداخل والخارج ولعل أزمة المصريين فى الخارج أقل هما وغما عن إخوانهم فى الداخل!! فقد يلقى معاملة انسانية على سبيل الخطأ فى الخارج – على أسوأ الظروف – ولكن لن يرى فى مصر مسئولا أو قانونا أو نظاما يقدم مصلحة المواطن على المعوقات والتعسف فى تفسير القواعد واللوائح التى غالبا ما تنهار على رؤوس المصريين فى الداخل !! وقد أعجبنى تحرك المصريين فى الخارج للضغط على الأنظمة الغربية التى تمد شرايين النظام المصرى بالحيوية وتضخ فيها دماء الدعم والمعونات والمساندة السياسية فى الوقت الذى تتحرك فيه منظمات المجتمع الغربى نفسه – للعجب – ضد استبداد وقهر النظام المصرى لأبنائه !! فلعل حركة المصريين فى الخارج وهم يتمتعون بقدر من الحرية لا يحلم به المصريون فى الداخل تصب فى خانة المصالح القومية لمصر التى تثمن الحرية وتدعم التطور والتنمية وتحافظ على حقوق الإنسان المصرى فى بلده قبل أن نطالب بها فى الخارج ، لذا نشجع ونطالب بحق المصريين فى الخارج أن يمارسوا حقوقهم السياسية التى يتمتع بها كل غريب عن وطنه فى كل دول العالم ! ولعل رغبة النظام الإستبدادية التى وضحت فى التعديلات الدستورية وتمرير قوانين المحاكم العسكرية وشق صفوف القضاة تخشى من تصويت المصريين فى الخارج حيث يصعب التزوير خاصة مع ضرورة الفرز فى مقار البعثات الدبلوماسية ومعرفة النتيجة لاستحالة إرسال أوراق التصويت لمراكز الفرز الجهنمية داخل مصر !!! والعدد فى الخارج ليس قليلا – حوالى 6 مليون مصرى – وهو نفس الرقم أو قريب منه الذى سمح للرئيس مبارك بتولى رئاسة مصر لمدة سادسة !!

لعل ذلك هو العائق !! كما سعدت ولا استطيع أن أخفى ذلك بحركة المصريين للإحتجاج على التعديلات الدستورية والإستفتاء عليها المزور أمام سفارات مصر فى بعض الدول الأوربية ولعل ذلك يفتح الباب لدور مصرى خارجى يخفف الضغوط الواقعة على إخوانهم المصريين بسبب السلوك غير السوى للحزب الوطنى الحاكم الذى يتعامل مع مصر وشعبها على أنهم ملك خالص للنظام الحاكم وعصبته فى منطقة نفوذه وعزبته !!

وقد ذكرنى حال المصريين فى الخارج بطلب إحاطة قدمته لوزير الخارجية المصرى ربما يلخص مشاكلهم كما عايشتها بنفسى مبتعثا للدكتوراة فى ألمانيا (88-90م) وكما سمعتها نائبا من المصريين فى كل العالم خاصة فى ايطاليا عام 2002م ولعل أطرف مافى هذا الطلب هو أننى قدمته يوم 14 ديسمبر 2000م وهو آخر يوم لى فى المجلس حيث كانت جلسة إبطال العضوية !! المهم أن ما جاء فيه رغم مرور خمس سنوات مازال واقعا يحياة المصريين فى الخارج ، كان نصه كاالتالى :

السيد الأستاذ أحمد ماهر وزير الخارجية

استجابة لدعوة كريمة من اتحاد منظمات الجاليات الإسلامية فى ايطاليا قمت بزيارة ميلانو و4 مدن حولها التقيت فيها مصريين مختلفى الثقافات والمستويات الاجتماعية، منهم المستقر فى حياته ومنهم غير ذلك وكان لهم بعض المطالب من السفارة والقنصلية المصرية فى روما وميلانو رفعت بعضها – فى لقاء تم – للسيدة السفيرة القنصل العام فى ميلانو – وكان استقبالا كريما- عرضت فيه بعض مطالب المصريين المقيمين فى ايطاليا وسلمتها مستندات بهذا المعنى ، ونظرا لتكرار معظم الشكاوى فى بلدان أوروبا وجدت أنه من الأنسب عرض الأمر وإحاطة السيد الوزير علما موجزا عن الشكاوى المتكررة فى الآتى:

أولا: سوء المعاملة التى يلقاها المصريون والنظرة الدونية وعدم الإكتراث بهم من موظفى السفارات والقنصليات المصرية حتى صار انهاء الإجراءات مرتبطا بالمعارف والوسايط مما أثار سخط وضجر الأغلبية التى تنتظر بالساعات والأيام والأسابيع حتى تنهى إجراءا واحدا.

ثانيا : ارتفاع الرسوم التى يتم تحصيلها على كل طلب أو إجراء تقدمه السفارة أو القنصلية بما لايناسب أحيانا كثيرة الظروف المعيشية التى يحياها المصريون وهو أمر تنفرد به السفارات المصرية دونا عن باقى السفارات العربية التى لها جاليات تماثل أعداد المصريين بل أكثر مثل الجاليات المغربية على سبيل المثال !

ثالثا : ضيق المكان فى كثير من القنصليات ممع يعوق فرص تقديم الخدمة فى وقت مناسب وإنهاء الإجراءات بصورة تحفظ ماء الوجه والوقت وتمنع إهدار الأموال وسوء الفهم وتوتر العلاقات !

رابعا : ابتعاد المصريين عن سفاراتهم أو قنصلياتهم فى كثير من الدول الأجنبية والفشل المتكرر فى انشاء جاليات مصرية تمثل المصريين تمثيلا حقيقيا تتعامل مع السفارات بصورة حضارية انسانية حيث تصر السفارات على التعامل مع أفراد الجالية على أنهم مخبرون مطلوب منهم تتبع باقى المصريين وجلب أخبارهم !! ولقد أثارت هذه النظرة الأمنية مخاوف المصريين من الإقتراب من السفارات أو التعامل معها إلا عند الضرورة القصوى ابتعادا عن المشاكل ومنعا للضرر وخوفا من احتمالات الظلم وسوء الظن !

وقد حاولت إقناع الكثيرين من المصريين بالبدء فى انشاء الجالية المصرية إلا أن التجارب السابقة فى مدن كثيرة – حكوا عنها – أثبتت أن هناك تربصا وترقبا وعلاقات غير سوية هى التى تسود العلاقة غالبا بين المصريين وسفاراتهم التى من المفروض أن تحمل همومهم وترعى مصالحهم وهو ما أحزننى كثيرا ، وهنا يجب أن أشيد بالجهود التى بذلت والاتجاه الذى تبنته وزارة الخارجية بتسهيل إقامة المصريين الذين رغبوا فى توفيق أوضاعهم خلال المدة التى منحها الاتحاد الأوربى لذلك ، ويبقى استكمال الصورة الجيدة التى بدا أنها ممكنة وذلك بالنظر فيما سبق ذكره حتى تعم الفائدة وتنعم مصر بشكل حضارى يناسب تاريخها وموقعها وينعم المصريون بالعزة والكرامة فى خارج بلدهم الحبيب

وتفضلوا بقبول وافر الإحترام

طبعا لم يصل الرد حتى هذه اللحظة ! ربما لأن جلسة الصباح فى ذلك اليوم كانت الأخيرة لى أو لأن الموضوع محسوم " فلا كرامة لمصرى فى الخارج طالما انتزعت الكرامة منه فى الداخل" !! فى كلتا الحالتين وصل الرد ويبقى إعجابى مستمرا بدور المصريين فى الخارج والذى بدأ متأخرا عسى الله أن يجمع قلوبهم فى الخارج بعيدا عن سيف المذل وذهبه الذى فرق أبناء الوطن فى الداخل طمعا فى مقعد شورى أو خوفا من محاكمة عسكرية وكله بالدستور والقانون ولكن والله أعلم مع اشتداد الظلمة فالفرج قريب قريب ، لكن الظالمين لا يدركون والله يعلم وأنتم لا تعلمون

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق