التعديلات الدستورية معركة كل المصريين! ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 27 - 1 - 2007

مصر تبدو هذه الأيام أكثر كآبة من ذى قبل بسبب التعديلات الدستورية التى اقترحها رئيس الجمهورية والتى لا يستطيع أحد من الحزب الوطنى أن يدلى فيها برأى يخالف ما أراده الرئيس ونخبة لجنة السياسات من حوله ومما زاد من هذا الإحباط هو عدم انسجام وتوحد المعارضة بكل أطيافها خلف رفض التعديلات المقترحة ويبدو أن النظام نجح للمرة الألف فى استقطاب الأحزاب بذهب المعز وسيفه وعندما يظهر التناقض فى صفوف المعارضة فقد كسب معسكر الفساد والاستبداد الحاكم 50% من المعركة وهنا تبقى الأنظار معلقة على الفصيل الأكبر الذى سيتقدم فى المكان الذى يتواجد فيه مقدما يده لمن حوله للتحرك المشترك دون اتهامات بالتفرد والنرجسية ولكن يبدو حتى الآن أن لا أحد قد هيأ نفسه لدفع ضريبة التغيير ومعارضة النظام البوليسى الذى يحكم مصر !! تلك هى عقدة الوضع الحالى فرقة عند الإتفاق وجدل عند الحوار وغياب عند المواقف والكل يدعى المعارضة !! جماعة الإخوان التى استعصت على الإختراق وسط مناخ سياسى معارض تم اختراقه بالكامل من قبل نظام الفساد والاستبداد ! ومن مصاعب الوضع الحالى استحواذ النظام على كل وسائل التعبير والرأى لإجراء عمليات غسيل مخ طعنا فى المعارضين وعلى رأسهم الإخوان بعد أن استشعر الرئيس نفسه خطورتهم على نظام حكمه واضطر لمهاجمتهم بصورة مباشرة ، وتهيئة عقول من يستمع ويتأثر بالإعلام لاستقبال التعديلات الدستورية ببرود وسلبية على أسوأ الأحوال !! وانظروا لأسلوب شياطين الإنس والجن الذى ينتهجه إعلام النظام الغاصب من السب فى قانون الطوارئ تمهيدا لقانون الإرهاب الأخطر فى نصوص دستورية فهل يمكن لأحد أن يصدق ما قاله الدكتور على الدين هلال وهو يسب قانون الطوارئ بعد أكثر من 25 عاما قضى فيها على كرامة شعب وأذل أمة وأضاع وطنا واستقر الحال لهلال وغيره بفضله ...الآن يسبونه!!

قال هلال: إن قانون الطوارئ «ابن ستين كلب» لأنه يعطي الحكومة سلطات مطلقة تشبه قانون السخرة، وسلطات بلا قيود، وهو ما كنا نسميه في الماضي «الأحكام العرفية» التي نشأت في ظروف الحرب." المصرى اليوم 26يناير2007م . .. ولا يحسبن أحد أن هذه توبة أو أوبه فى الحق بل هى تمهيد لقبول باقى حديثه المسموم الذى قال فيه "أن التعديلات الدستورية المقترحة والمقدمة من الرئيس مبارك، تعيد التوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية لصالح التشريعية، مع وضع قيود علي ممارسة رئيس الجمهورية اختصاصاته وتغيير شكل العلاقة بين رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء لصالح مجلس الوزراء.وأوضح هلال أن التعديلات الدستورية تدعم الأحزاب السياسية، مشيراً إلي أنه لا ديمقراطية حقيقية في ظل ضعف الأحزاب، لأن الأصل في النظام الديمقراطي هو قوة المنافسة، وأن أي عدوان علي الأحزاب هو عدوان علي الفكرة الديمقراطية" انتهى

هل يعقل أن فتحى سرور وصفوت الشريف واحمد نظيف سيحدوا من سلطات الرئيس لو تشاور معهم فى أمر يخص "العزبة" ـ أقصد ـ البلد ؟ الدكتور هلال قال هذا !! ويعلم كثيرون أنه يثق فى عكس ما يقوله وده سر البقاء حتى الآن فى نار السلطة التى ستحرقهم جميعا ان شاء الله ، قال الدكتور الجرئ الذى سب قانون الطوارئ المقدس "أن التعديلات الدستورية المقترحة والمقدمة من الرئيس مبارك، تعيد التوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية لصالح التشريعية، مع وضع قيود علي ممارسة رئيس الجمهورية اختصاصاته وتغيير شكل العلاقة بين رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء لصالح مجلس الوزراء." انتهى. أريد أن أوضح أن المعركة التى تستعر هذه الآيام حول اللعنات الدستورية مازالت غير متكافئة بين نظام طايح فى الشعب ليفرض هيبة مفتقدة نتيجة عجزه عن أداء دوره الطبيعى فى حماية شعبه وتوفير المتطلبات الأساسية لحياة كريمة ، ومعارضين من كل الإتجاهات تعبر عن الشعب المصرى فى مجمله لكنها تفتقد الثقة فى بعضها البعض كما أن بعضهم أجهدته الأيام وبدا متطلعا لمصلحة ودور بعيدا عن آمال الشعب قريبا من رغبات السلطة ليتجنب دفع ضريبة لم يعد مستعدا لها!

الحل من وجهة نظرى يتمثل فى عدة اجراءات(تحتاج لآليات) منها على سبيل المثال :

1- إتفاق نواب الشعب من الإخوان والمستقلين والمعارضة على تجنب عرض تعديلات مقترحة تقدموا بها مسبقا ولم يحترمها النظام حتى نخرج من دائرة حوار الطرشان المستهدف من اعضاء الحزب الحاكم

2- الغياب الكامل عن جلسات مناقشة التعديلات لصعوبة التأثير فى تعديل أى مادة أو ضبط أى صياغة مما يمنح هذه الجلسات شرعية شعبية ويثرى مناقشاتها وتمنح النظام نقاط تميز بحكم الأغلبية التى يملكها

3- العودة للجبهة الوطنية للتغيير لتكون المعبر عن كل من يعارض اللعنات الدستورية التى أسقطها النظام على رأس مصر بحيث تسمح بضم كل منظمات المجتمع المدنى والنقابات ونوادى أعضاء هيئة التدريس وممثلين عن النقابات العمالية الذين تم شطبهم من الإنتخابات الأخيرة وكذلك ممثلين لإتحاد الطلاب الحر بجانب الأحزاب والقوى السياسية.

4- على الجبهة الوطنية للتغيير البدء فى وضع تصور لدستور جديد يطرح على لجنة تأسيسية تنتخب انتخابا حرا في مرحلة ما بعد النظام الحالي

6- الحوار الدائم مع الأخوة الأقباط لإعلان مواقفهم المتباينة لضم الفريق المعارض الذى لايقبل أسلوب النظام فى لعبه بورقة الأقباط فى الداخل والخارج لتحقيق مصالح شخصية تنتهى ببقاء النظام لأطول فترة ممكنة حتى لو زادت مسببات الفتنة الطائفية بسلوك غير مسئول من أحد الأطراف ، باختصار انحياز الفريق الوطنى من الأقباط لقوى المعارضة حفاظا على الوطن بمسلميه ومسيحييه من الخطف والإغتصاب لعشرات السنين القادمة لا قدر الله

يبقى الاستفادة من كل المقالات والتعليقات والتحليلات التى تتناول هذه اللعنات الدستورية فى حملات الوعى وحشد الناس للخطوة القادمة التى يجب أن تناقش وسط إطار واحد يجمع كل من يستشعر خطورة اللحظة التى تمر بمصر المحبوسة الى حين ان شاء الله

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق