دموع وعتاب لأم الدنيا ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 9 - 8 - 2006

دموع السنيورة مهما كانت التفسيرات هى ملخص للكارثة التى يحياها العرب وليس لبنان فقط , ذرفها وهو مسئول عن بلد يقف بكل فصائله المقاومة والمساندة وقفة بطولية أمام ترسانة عالمية لأسلحة الدمار الشامل, ذرفها أمام مسئولين صغار فى بلاد لا تملك من أمرها شيئا وهم أول من يعلم -إن استمر الحال على ما هو عليه- سيبكى الجميع إذا كان عندهم دماء تجرى فى عروقهم وسيدركون ما ردده السنيورة "أكلت يوم أكل الثور الأبيض"!! ومن قبل دموع السنيورة كانت دموع اللبنانيين والعرب والمسلمين على ما يجرى فى لبنان ومن قبله فلسطين دون أن يلتفت أحد لنصرتهم بحق بعيدا عن المعونات والأغذية والأدوية فالكل يجيد صنع هذا وتذكروا معى ما حدث فى البوسنة والهرسك عندما تولت قوات الأمم المتحدة إعاشة المسلمين أهل البلاد المطاردين لحين أن يأتى الصرب لإغتصابهم وذبحهم وقتلهم !!!

أما العتاب فقد نطق به رئيس الحزب الدستورى الحر فى مصر !! عندما أكد أن دور مصر كان القدوة لبقية الأنظمة العربية الأخرى للتخلى عن دورها فى دعم لبنان وتساءل عن التوقيت المناسب الذى يراه النظام ملائما لاستدعاء رؤساء الأحزاب لتوحيد الموقف المصرى بدلا من استدعائهم فقط لحضور المولد النبوى خاصة أن الأزمة ترتبط ارتباطا مباشرا بالأمن القومى المصرى" وهو عتاب مستغرب من أحزاب لا مشاركة لها ولادور لها فى الشأن الداخلى سوى إضافة الشكل الديمقراطى على نظام تفرد أو بالتحديد - الذى لايحبه البعض منى -سرق إرادة الشعب المصرى ! وهنا أحب أن أوضح أن النظام المصرى عاب كثيرا على لبنان وبالذات حزب الله لتفرده باتخاذ قرارات ومواقف تحدد مصير الحرب والسلام فى لبنان دون مشاركة كل أبناء الشعب اللبنانى وهو أمر ربما تتضح صورته أكثر لأبناء لبنان ولكن ما يعنينا هنا هو ارتكاب الحزب الوطنى والنظام الحاكم فى مصر لنفس الخطيئة دون أن نسمع عتابا له أو إحساسا منه بالخطأ !! لقد ظن أولئك المسيطرون على مقدرات الشعب المصرى بقوة العسكر أنهم حقيقة يمثلون الشعب المصرى وهو أمر ينفيه الواقع والتاريخ وشهادة العدول وحياة الشعب طوال عشرات السنين الماضية , لقد تم سرقة مصر من شعبها وصار مستقبل الوطن رهينة لإرادة فئة قليلة مارست كل ألوان البطش والحرمان والتزوير والإرهاب بالشعب المصرى لإخراجه من الحياة العامة والإهتمام بشئون وطنه وأشغلته بلقمة عيشه التى لاتسد رمقه ! والبحث عن الحد الأدنى من الحياة التى يسمع عنها !! وحزمت هذه الحياة البئيسة بقانون طوارئ تحفه سجون ومعتقلات لحماية الشعب من شر نفسه- والنفس أمارة بالسوء-!! وبسيطرة تامة وتسييس للسلطة التشريعية والقضائية لتحمل وجهة نظر واحدة تخص القائمين على حكم البلاد بعيدا عن رأى الشعب وإرادته ومسلسل تزوير الإنتخابات والاستفتاءات يشهد على ذلك !! وهكذا تبنى النظام المصرى سياسات أهدرت مصالح الوطن العليا وهددت أمنها القومى بشهادة كبار خبراء الاستراتيجية وهذا ما يفسر الموقف الرسمى المصرى المخزى من الحرب على لبنان والذى يعارض رأى الأغلبية فى مصر !! فمن منح النظام الذى يعتب على لبنان حق الحديث عن شعب يرفض ما يحدث ولا يتآمر على أخوته فى لبنان وفلسطين وفى عكس اتجاه الرغبة الأمريكية والصهيونية !! من هنا يستحق الإدانة ؟!! لقد رفض النظام عقد جلسة لمجلس الشغب لمناقشة أوضاع لبنان خوفا فقد من الصوت العالى للمعارضة !! حتى إستدعاء السفير المصرى الذى ذهب إلى الكيان الصهيونى دون رغبة شعبية عجز عنه النظام , وأمامه سفير صهيونى هنا لا أحد يتعامل معه وحجم الرفض الشعبى له معلوم ورغم ذلك يتحرك النظام المصرى -العاقل الحكيم الواقعى - فى عكس إتجاه الإرادة الشعبية , إذن هو يمثل من ؟!!! وتستمر حالة التسلط والتفرد الذى يحياه النظام المصرى عندما يجد شكله وحش أمام صمود المقاومة فى لبنان ولا يجد بدا من الظهور بمظهر شعبى بعد شهر من استمرار القصف الإجرامى على الشعبين الفلسطينى و اللبنانى يقرر تشكيل وفد شعبى - لاحظ أنه مضطرا للجوء للشعب لتحسين صورته كما يظن وأيضا بغية الاستمرار فى موقفه الرسمى المخزى - شكله طبقا لرؤيته الإستقصائية فضم له من شاء وأقصى عنه من أراد ليبقى تحت زعامته متسترا خلف القوى الشعبية عسى أن يجبر كسورا أحدثها أو يصلح فسادا أصر عليه بسبب رؤيته الحكيمة العاقلة الواقعية !!!هكذا بعد أن ورطنا النظام أراد أن يستغل الغضب الشعبى ويسيسه لصالحه دون أن يقدم دعما حقيقيا للشعب اللبنانى أو الفلسطينى .إن أخطر ما نواجهه الآن كشعوب منطقة هو وقوف الحكام ضد الأمن القوم للأوطان وضد شعوبهم ورغبتهم الحقيقية فى التحرر وضد أوطانهم وذلك باستسلامهم التام لإرادة أعداء شعوبهم وهو ما انعكس على الاستعدادات العسكرية فقد تحولت لقوات أمن داخلى تقمع الشعوب ولا تقدم حماية حقيقية لشعوبها وهو ما يحتاج لمقال آخر إذا كان غى العمر بقية

drhishmat@yahoo.com

إضافة تعليق