صحيفة المصريون والإخوان.. كلمة لابد منها ـ د. محمد جمال حشمت

د. محمد جمال حشمت : بتاريخ 21 - 6 - 2008

مما يحسب لجريدة المصريون أنها فتحت أبوابها لكل الاتجاهات للكتابة فيها وهو نهج لاشك فى صحته وهو ما ننادى به فى كل مكان وبغض النظر عن توجهات أصحابها إلا أنها تحافظ على أهم الثوابت التى أعتبرها الفيصل فى اتمام التواصل من عدمه وهى تقديس شرع الله والدفاع عنه وحماية قيم العدل والحرية والمساواة ولا يعنينى بعد ذلك اختلاف هنا وهناك مع بعض التنظيمات والجماعات لغرض فى نفس يعقوب تفرضها المصلحة أو الطموح أو الرغبة فى تحصيل مكسب فذلك أمر يتساوى فيه الجميع لكن غير المقبول أن يكون ذلك على حساب الإسلام عقيدة وفكرا !

لذا فقد كنت من أوائل الذين كتبوا على صفحاتها بعرض كريم من الأستاذ محمود سلطان وقد زاد كرمه عندما عرض على أثناء الحملة الانتخابية لبرلمان 2005م استعداد الصحيفة لنشر كل ما يخدم حملة الدعاية وقد شكرته كثيرا وقتها ، والسؤال لماذا أذكر ذلك الآن؟ الحقيقة أن أحدا لا ينكر أن جريدة المصريون لها موقف من جماعة الإخوان المسلمين تنضح به مقالات رئيس التحرير أحيانا وقد جعل منها سلسلة منذ وقت قريب وكذلك تتبدى فى الأخبار مجهولة النسب والمصدر فى باب دفتر أحوال الوطن الذى لم يكتف بالإخوان إنما طال الجميع بأخبار قليلة الكلمات قد تبدو خفيفة الظل لكنها أقسى من النيران وأحد من السيف وتجلب من السخط على الجريدة أكثر من الرضا !!

وهنا توالت النداءات لى من عدد من الإخوان الذين لا أشك فى محبتهم وحسن ظنهم بالتوقف عن الكتابة للجريدة ورغم أنهم قلة تعد على أصابع اليد الواحدة إلا أن رأيهم ومطلبهم قد شغلنى ولم أرد عليهم بصورة شخصية لكنى آثرت أن أرد عليهم على صفحات المصريون لما أظنه من خير فى القائمين عليها ومدللا أن الاستمرار له مكاسب أكثر مما للمقاطعة التى يطالبوننى بها !

أولا يجب أن أوضح أن معيار استمرارى رهن التصور الذى شرحته فى البداية وليس مرتبطا بعلاقتى الخاصة بالجريدة ومحرريها التى تتواصل عبر الاتصالات بكل الحب والاحترام والدليل على ذلك أن كثيرا من مقالاتى قد تعرضت لحذف بعض الأجزاء التى ترى إدارة التحرير أنها تسبب لهم إشكاليات قد يحاسبوا عليها وهو أمر أقدره ولا أعترض عليه خاصة أنه أحيانا يتم الاتصال بى قبلها وهو مالا يحدث معى من القريبين منى ! بل لقد أضيفت كلمة فى أحد المقالات أزعجتنى واتصلت بالأستاذ محمود سلطان واستنكر معى واعتذر وانتهى الأمر عند هذا الحد ، حتى كان الأسبوع الماضى عندما وجدت خبرا عن انتخابات مكتب الإرشاد يتحدث عنى بأسلوب مشين فى محاولة لمنح الدكتور مصطفى الفقى شرعية يفتقدها ويعانى من غيابها عندما ذكر حصولى على 3 أصوات فى انتخابات المكتب والدكتور عصام على 5 أصوات وأن هذا يدفع مرشح الوطنى الناجح بالتزوير أن يدعى شرعيته لسقوطى فى عقر دارى ...الخ من خبر مستفز وقد كان الأولى بى بعدها أن أقاطع الجريدة حيث اعتمد الخبر على معلومات غير صحيحة وأقام عليها استنتاجات غريبة تخالف العقل والمنطق والواقع وهو ما أعتبره ضارا بمصداقية الجريدة دون أن يكون لها تأثير على شخصى الضعيف أو الدكتور عصام أو حتى جماعة الإخوان !!!

مما يؤكد قناعتى التامة بما أردده وأكرره أن تنظيم جماعة الإخوان يستمد شرعيته من خدمة الإسلام والتزامه بمنهج الإسلام ولا يمكن أن يكون الإسلام فى خدمة التنظيم ! فإذا اختلف أحد مع الإخوان فإن الاسلام يسعنا جميعا دون عداوة أو قتال فى غير محله ولا وقته حتى وإن كنت بشخصى هدفا للهجوم طالما أعلم التزام الجريدة الخط العام لمناصرة الفكرة الإسلامية فى إطار من الحرية !, بالمناسبة فقد اتصلت برئيس التحرير بشأن الخبر وأعتذر بأدبه المعهود وأوضح أن خبرا أخر سيلحق للتصحيح وقد حدث فعلا وجاء النفى على لسانى فقط دون أى اعتذار أو توضيح بشأن علة ربط العلاقة بين انتخابات دمنهور البرلمانية ومكتب الإرشاد المحدودة - بفرض صدق الأرقام التى ذكرها الخبر !!- لكنى اعتبرت الموضوع انتهى عند هذا الحد

ثانيا لماذا يسيطر على البعض فكرة الانسحاب مع كل خلاف يحدث !؟ و لماذا نعتبر أن الاختلاف مع الإخوان هو اختلاف مع الإسلام بينما نحن نؤكد ليل نهار أننا جماعة من المسلمين ولسنا جماعة المسلمين؟ إذا كان الإخوان يعرضون أنفسهم ومنهجهم وفهمهم للإسلام على الدنيا كلها فالطبيعى أن يقبل البعض ويرفض البعض الآخر ويتوقف الكثيرون لحين التأكد من صدق المنهج وصواب الأداء وعظمة التضحية التى يقدمها الإخوان ، وغير الطبيعى أن نعزل أنفسنا ونحن وسط الناس ، غير الطبيعى أن أحكم على الناس وموقفهم منى بمعايير المطلق أو الأسود والأبيض لأن المواقف والأفكار متغيرة بل القلوب بيد الرحمن يقلبها كيف يشاء ، ورب كاره للدعوة اليوم هو من أشد وأقوى دعاتها غدا وفى التاريخ عبر وقصص فكان قاتل حمزة سيد الشهداء هو الذى قتل مدعى النبوة الكذاب ولله فى خلقه شئون

ثالثا أن استمرار كتابتى - ويقينى أنها لا تضيف كثيرا للقراء فمنهم من هو أعلم وأكرم وأفهم منا لكنها إرادة الله- هذا الاستمرار - طالما بقيت الجريدة بخطها العام وثوابتها التي هى ثوابت الإسلام – رسالة للتواصل بين فريق المقاومة وما يضمه من اتجاهات وقوى وهيئات على الحد الأدنى من المتفق عليه للوقوف فى وجه الظلم والفساد والاستبداد أيا كان ما يضمه من أحزاب ومؤسسات ، وقد أقر الإخوان هذه المبادئ منذ نشأتهم حتى مبادرتهم الأخيرة فى مارس 2004م التى أقرت بعدم قدرة الإخوان بمفردهم على مواجهة ما يحدث على أرض مصر من تخريب وإفساد وظلم واستبداد ومدوا أيديهم الى الجميع ومازالوا ، وهنا لابد من تحقيق هذه المعانى والشعارات وترجمتها إلى مواقف عملية تتجاوز النظرة الشخصية أو النظرة العنصرية الضيقة انتصارا لرفض العزلة وإقرارا بحق الجميع فى متابعة ومعرفة ما يدور فى كبرى الحركات الإسلامية دون التدخل فى إدارة الشأن الداخلي الذى يتحمل مسئوليته بالكامل فقط أبناء الجماعة ومسئوليها

رابعا أشكر لإخواني – رغم قلة عددهم – نصيحتهم لى وأرجو أن أكون قد أوضحت مبررات استمراري فى الكتابة فى جريدة المصريون رغم ما نال الإخوان منها - فى ظنهم – وليعلم الإخوان أنهم سيظلون هدفا للجميع من حولهم اقترابا منهم أو تقربا على حسابهم وهذا لا يعيبهم ! إنما العيب فى الانطواء والابتعاد والانسحاب وكفانا ما يحيط بالجماعة من ترقب وحصار ومطاردة وتشويه على أيد الفريق الفاسد الملعون !

إخواني الكرام وأحبتى فى الله بحق الله والأخوة فيه خذلوا عنا ولا تفرقوا صف المقاومة وكثروا سوادهم واعلموا أن مع العسر يسرا أن مع العسر يسرا , كما أشكر لجريدة المصريون وفريقها سعة صدرهم وتفهمهم لصعوبة المناخ الذى نحياه ويحتاج فيه كل منا للأخر وأدعوهم للثبات على الحق وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

g.hishmat@gmail.com

إضافة تعليق