حملة قومية من أجل شهداء الحرية - جمال حشمت

حتى هذه اللحظة لا أصدق ما عاينته بنفسى فى الانتخابات الأخيرة-رغم خوضى لثلاث انتخابات برلمانية كمرشح- من عنف استخدمته دولة ضد أبنائها كى تثنيهم عن ابداء رأيهم لاختيار نوابهم !!! وعلى قدر تعجبى من أداء نظام يحكم من أكثر من خمسين عاما كان اعجابى بيقظة شعب وحماسته لابداء رأيه رغم كل ما حدث له ومن حوله !!

لقد ذهب الشعب المصرى وتحرك عندما وجد حملة دعائية انتخابية قوية كان الاخوان فيها الأوفر حظا ونجحوا فى حشد الشعب الذى صدق أكذوبة الفكر الجديد التى روج لها الحزب الحاكم دون تفويض حقيقى! وكانت التعليمات فى ذات الوقت اسقاط فلان وانجاح علان بغض النظر عن اختيارات الشعب !! وكانت حصيلة الاخوان فى الجولة الأولى رغم التزوير الفاجر مفاجأة تعدت حسابات الحرس الجديد فكان ما كان من مواجهة عنيفة للشعب بلا تمييز باعتبار كل المتحمسين للذهاب الى صندوق الانتخابات هم من مؤيدى الاخوان !! فرأينا دور الأمن المصرى الذى يحمى حزبا فاشلا بعد أن اندمجت مؤسسات الدولة فى بنية الحزب وصار التفريق بينهما صعبا وهو دور مخزى سيبوء بإثمه كل قيادات الشرطة فى هذا الوقت من تاريخ مصر على المستوى القومى والمستوى المحلى !! ووصل الحال بهؤلاء المسئولين الى الاستعانة بالمجرمين وأصحاب السوابق والبلطجية والمسجلين خطر فى أوراق الدولة الرسمية لمواجهة أفراد الشعب الذين يسعون للتصويت استجابة لنداء القيادة السياسية والدينية الرسمية بضرورة المشاركة فى الواجب الوطنى لاختيار نواب الشعب !!

ولم يدرك أحد من أبناء الشعب أن المطلوبين لهذه الشهادة عليهم اختيار مرشحى الرئاسة والفكر الجديد فقط دون غيرهم وهذا عيب التعميم دون التخصيص والاجمال دون التفصيل عند طلب الناس للحضور أمام اللجان ونظرا لأن هذا الشعب أثبت فى نتائج المرحلة الأولى ـ من وجهة نظر أعدائه و اعداء الديمقراطية ـ أنه "غبى" فى اختياراته التى أسقطت مرشحى الحزب الحاكم وانه لم يدرك مغزى دعوته للشهادة لأصحاب الحق الأصيل فى النيابة من أبناء الحزب الحاكم ! ولأنه شعب يخاف ما يختشيش وبيعض الأيدى التى امتدت له بالرشاوى طوال فترة الدعلية !! كان لابد من مواجهة هذا الشعب كى يعيد حساباته من جديد ليعرف أين تكون مصالحه الحقيقية ! فكانت الاستعانة بهولاء البلطجية وسيئات السمعة فى حماية الأمن الذى تنازل عن مهمته الأصيلة فى حماية الشعب والوطن !!ورغم ذلك اضطر للتزوير فى النتائج النهائية بصورة أثارت الغضب وولدت اليأس من الاصلاح السلمى وأثبتت فشل الصندوق الانتخابى فى امكانية تداول السلطة واصرار الفكر القديم والجديد فى حكمنا غصبا عننا !!! وكانت المصيبة فى مواجهة هذا الشعب بعنف أشد وصل الى حد القتل بل والاصرار عليه عندما اكتشفنا أن الرصاص الميرى قد أصاب الرأس والصدر والقلب والبطن !! وأنه ليس صحيحا وجود تعليمات لجهاز الشرطة المدنى ! بضرورة عدم الالتجاء لاستعمال الرصاص الحى مع الشعب الأعزل وإن كان الموقف يستلزم مع حاملى السلاح والذين يهددون أرواح الجنود فليكن فى الهواء ثم فى الأرض ثم فى الأطراف !!! أما مبرر استعمال الرصاص الحى مع ناخبين يصرون على أداء واجبهم فغير مفهوم ! وهم عزل الا من ارادتهم التى يستحثها القانون والدستور والمعلن من قيادات الحزب الحاكم نفسه !

فلم قتلهم بهذه الوحشية غير مئات المصابين بالرش وما أدراك ما الرش الذى يخترق كل شىء ويتسبب فى حرقان شديد لفترة ليست بالقصيرة , هذا غير ضحايا السيوف والسكاكين والشوم والسنج !! يارب خذ هؤلاء القيادات أخذ عزيز مقتدر وأورثهم ذلا وخزيا فى أنفسهم فلايتصالحون معها أبدا وأشف صدور قوم مؤمنين فقد خططوا وأصدروا التعليمات والأوامر التى سببت كل هذا الحزن والغضب الذى نحيا فيه اليوم فضاع حلم المنافسة الشريفة والعرس الانتخابى الجميل ,والآن لن نصمت على ما حدث لهؤلاء الأخوة والأبناء حوالى 12 شهيدا للحرية ومئات المصابين والمطلوب والذى أدعو اليه حملة قومية لجمع تبرعات لأسر هؤلاء الشهداء وتخليد أسمائهم وملاحقة قاتليهم بالأسماء وهى معروفة فى كل مكان به شهيد , لقد قتلوا غدرا بأيد أبناء الوطن الذين باعوا ضمائرهم وسلموا عقولهم لمن أفسد هذا البلد طوال عشرات السنين وليس هناك مبررا واحدا لاصابة مواطن أعزل أو قتله عندما يذهب ليختار مرشحا لاأحد يعرفه , لقد قتلوا بالنوايا !! ربما ليقين هؤلاء الحكام أنهم مكروهون منبوذون لا حظ لهم فى ثقة أو صوت يحبو اليهم !! ان الحفاظ على حقوق هؤلاء الشهداء واجب على كل الشعب المصرى بكافة هيئاته من جمعيات مدنية ومنظمات حقوقية ولجان شعبية وأحزاب سياسية كى يرتدع هؤلاء الذين احتموا وراء درع الشعب من مؤسسات أمنية وإبعادها عن دورها الحقيقى ثم هم بعد ذلك يعتقلون الأبرياء من منازلهم بتهم البلطجة !!!

حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن فجر وتجبر ونسى بأن الله يرى وأن الظلم ساعة وأن دعوة المظلوم لاترد فلنبدأ هذه الحملة من أجل شهداء الحرية كى ينالوا شرف الشهادة ويبوء قاتليهم بخزى الدنيا والآخرة ان شاء الله , والله على كل شىء قدير .

د. محمد جمال حشمت - نقلا عن موقع (المصريون)

إضافة تعليق