وداعا عبد الوهاب المسيرى ـ د. محمد جمال حشمت

هذه ثالث مقالة أكتبها عن الدكتور عبد الوهاب المسيرى الأب والأخ والصديق قبل الأستاذ والكاتب والمفكر ، المسيرى الإنسان هو سر الحب الذى أحاطه ممن يعرفه ، والمسيرى المفكر الجرئ هو سبب الإعجاب والتعلق به والثقة فيه لمن لايعرفه عن قرب !

وحزنى أنى أكتبها وقد فارق دنيا الظلم الى عالم الحق الذى لاظلم فيه ، لقد آن له أن يستريح  بعد جهاد طويل مع النفس ومع العلم ومع المرض ومع ظلم الحكام والحكومات وهو من هو ! لكن يبدو أنه لاكرامة لنبى فى قومه ! منذ لقيته وتعرفت عليه أخذنى بهدوئه وابتسامته وثقته فى نفسه وشجاعته فى مواجهة فكره من آن لأخر أولا ثم مواجهة من يعتقد أنه يستحق المواجهة ! حتى لو كان اللوبى الصهيونى الذى أذل أعناق كثير من الحكام وسيطر على مقدرات أكبر دولة فى العالم ، تلك هى طبيعة العلماء المجاهدين الذين قل وجودهم مما يجعل فقدان الدكتور المسيرى يمثل خسارة كبيرة للأمة فى لحظات إحتدام صراعها مع المحتل الخارجى والاستبداد الداخلى ،

 والله خسرناك يادكتور وقل العلم فى الأرض بقبض العلماء أمثالك نسأل الله أن يكون قد أحسن ختامك، وعلامة ذلك الحزن الذى ساد بموتك ومشيعينك الذين أختارهم الله بعيدا عن الظالمين منتهكى الحرمات والفاسدين ناهبى الأوطان والمستبدين سارقوا إرادة الشعوب ، هنيئا لك بقلوب محبيك الذين رأيتهم فى دمنهور يحيطون بك فى مشهدك الأخير وكنت منذ شهور قليلة تجلس بيننا فى بيت ابن عمك وانت تبتسم رغم ما فيك من آلام وترد على شباب يعرض أفكاره ووجهات نظرهم بصبر ولا يخلو حديثك من طرفة أو نكته تحى به الجلسة متحاملا رغم إجهادك ، هنيئا بك هذا الحشد الغفير من أبناء البحيرة بكل مراكزها ومن أبناء الأسكندرية والدقهلية والغربية وكفر الشيخ والقاهرة والجيزة ، كلهم جاءوا ليودعوا المفكر الإنسان المقاوم الذى طالما انتقد صمت العالم والحكام العرب على ما يحدث فى فلسطين من حصار وتجويع وقتل وترويع !!

عشت لتفضح أسوأ نموزج للعدوان والاحتلال ولتبث فى قلوبنا الأمل وتؤكد ما نؤمن به من حتمية زوال هذا الكيان الغاصب بالعلم والتحليل والعقل والمنطق فجمعت لنا الإيمان والعلم ، عشت لقضية المسلمين المركزية التى تنشر الاضطراب فى أرجاء المعمورة - قضية فلسطين - وشاء الله له أن يموت أيضا فى فلسطين المشفى ولاندرى هل هو من اختار الذهاب هناك ؟ رغم أن إضرابا وفوضى كانت تسيطر على هذه المستشفى لعدم استجابة إدارتها لحقوق العاملين بها ! لكنه ذهب هناك وخرج من فلسطين الرمز الى عدل الله ورحمته التى وسعت كل شئ

رحمك الله يا عبد الوهاب يا مسيرى بلا ألقاب فقد كنت مقاتلا فى صفوف المستضعفين رغم قدرتك على أن تكون فى جانب أبناء الصفوة المسترخية أصحاب العقول المستريحة لكنك رفضت ووجدناك منسقا لحركة قامت على وجودها فى الشارع واستمدت قوتها من الوقوف فى الميادين تتحدى البطش والجبروت وكم كان أغناك عن هذا الجهد والمعاناة وانت فى هذا العمر(سبعون عاما) وفى ذلك الضعف من جراء مرض السرطان الذى ابتلاك الله به كفارة وطهور ان شاء الله لكنك قبلت ونزلت واختطفك الظالمون الى صحراء مصر التى كانت بجفافها وظلمتهاأخف و أرحم من غلظة وقسوة قلوبهم !!

رحمك الله يا عبد الوهاب وانت تقول كلمة حق فى المؤتمر الإنتخابى الذى دعوتك له فى انتخابات برلمان 2005م  وقد كان أول مؤتمر جماهيرى يحضره فى حياته ،أعيد نشر ما قاله عرفانا بالجميل ودعاءا من القلب الى الله له بالرحمة والمغفرة :

بسم الله الرحمن الرحيم

أنا لست خطيبا مفوها ، إذ إني اعتدت أن أعبر عن أفكاري بالقلم ولا أحاضر إلا لأعداد صغيرة ، وفي الواقع هذا أول تجمع جماهيري أحضره في حياتي ، ولكني شعرت بالفعل بأن هذه لحظة تاريخية لابد أن نغتنمها ويجب ألا نفوت الفرصة ، ووجدت نفسي في مشكلة حينما عرفت بترشيح دكتور حشمت ، فهو صديق عزيز ولكن الدكتور مصطفي الفقى أيضا صديقي ، فجلست مع نفسي ومع أصدقائي لأناقش هذه المشكلة ولنر ماذا نفعل ، وفي نهاية الأمر توصلنا إلى أنني لم أحضر إلى هنا لأناصر صديقا أو أقف ضد صديق آخر ، وإنما جئت هنا لأقف ضد نظام حكم فاسد استمر عشرات السنين ، فأنا جئت هنا لأناصر الدكتور حشمت باعتباره تعبيرا عن أملنا كلنا في التغيير والإصلاح ، والأكثر من هذا أنه لابد من فتح كل الملفات ، ابتداء من ملف الفساد والعلاقة بين مصر وإسرائيل والكويز والغاز .. وما هو العائد الاقتصادى من ورائها , وملف بيع القطاع العام , وملف الأمن في الشوارع , والبطالة .. إذ يجب أن يكون هذا كله على أجندة المعارضة عندما تصل للبرلمان ، وأنا متأكد من أن الدكتور حشمت سيكون في طليعة هذه المعارضة إن شاء الله .

أنا لم آت هنا لمناصرة صديق وإنما لمناصرة برنامج عمل لتغيير هذا الوطن ، ولوضعه مرة أخرى على خريطة العالم ، ووضعه مرة أخرى داخل الإطار العربي الإسلامي ، داخل إطار الكرامة بدلا من المهانة التي نعيش فيها كلنا الآن كأفراد وكمجتمع وكدولة , فمصر الآن في الحضيض بسبب هذه النخبة التي تحكمها ، ولابد أن نغتنم كلنا هذه الفرصة ونذهب يوم التصويت لأن هذه مسئولية أخلاقية وإنسانية ودينية ، ومن ثم يجب أن نذهب وندلى بأصواتنا للدكتور حشمت كي ينجح إن شاء الله ، وأعتقد أن هذه مسئولية في غاية الأهمية .. والدكتور سعد الدين إبراهيم اقترح انه فلتذهب النخبة الحاكمة وليذهب الجمل بما حمل ، وهذه دعوة للاستسلام للفساد ودعوة لنسيان ما لحق بنا في هذا المجتمع من إذلال وامتهان وفساد .. وأنا أعتقد أن هذا الفساد عندما تفتح ملفاته سنكتشف الكثير والكثير .. وانظروا مثلا ما حدث في قضايا : المؤسسات الصحفية والمبيدات المسرطنة والحالة الصحية للشعب المصري .. المسألة لابد أن يحاسب هذا النظام عليها ، واعتقد أن الدكتور حشمت سيكون في مقدمة من يفعل هذا ، إلى جانب أنه سيساهم في تقديم البديل بحيث تنهض هذه الأمة وتلعب الدور الذي يجب أن تلعبه ومن حقها أن تلعبه ومن واجبها أن تلعبه .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رحمك الله وغفر لك وبارك فى أبنائك وجزاك عنا كل خير وإنا لله وإنا اليه راجعون

دبوس مشبك

الغش فى الانتخابات أقدم من الغش فى الامتحانات فى مصر نظرا لتطور وسائل الإفساد الحكومى للشعب المصرى من باب التلويث !! وأول من كشف غش امتحانات الثانوية العامة التى استمرت لأكثرمن 13 عاما فى ظل وزارة حسين كامل بهاء الدين كان الدكتور أحمد جمال الدين وزير التربية والتعليم الذى استمر فى الوزارة عام وثلاثة شهور فقط لاغير وخرج مع غيره من الوزراءالذين كشفوا الفساد فى وزارتهم ولم يتحملهم النظام الحاكم ، فقد أحال أكثر من 191 مسئول الى النيابة الإدارية وكان فى طريقه لتحويلهم الى النيابة العامة فجاء التعديل الوزارى وعاد الجميع بقرار الدكتور يسرى الجمل وهم من استكملوا فسادهم فيما اكتشف من غش هذا العام وقد فضحهم الله على الملأ وبالتالى لا سبيل لإخلاء ذمة وزير التعليم من مسئولية ما حدث حتى لو برأته أحزاب المعارضة الورقية ! فقد أعاد المفسدين فور توليه وفضح أسباب إبعاد الدكتور أحمد جمال الدين اللى هو بكل فخر ابن خالتى ولو كره الكارهون !

إضافة تعليق