القدس لنا ... فمن يستحق؟

كلمة القوى الوطنية المصرية في يوم القدس العالمي

إن نظرة على تاريخ القدس منذ أكثر من خمسة آلاف عاما يؤكد على عدة حقائق ينبغى التركيز عليها فى زمن اختلطت فيها الأمور وتناست فيها الحقائق:

1- أنها من أقدم مدن العالم وأن سكان القدس الأصليون كانوا من  قبيلة اليبوسيين -أحد البطون الكنعانية العربية فهى مدينة عربية أبا عن جد .

2- أنها ارتبطت دوما بالأديان بدءا من أخناتون كأنها منذ الأزل مدينة التوحيد والمدينة المقدسة .

3- تعاقب على حكمها والسيطرة عليها أمم شتى :

- العصر الفرعوني (16 - 14 ق.م) فى عهد أخناتون وسيتى الأول 1317-1301 ق م   ، ثم العصر اليهودي (977 – 586 ق.م)  ,وقد دام حكم اليهود للقدس 73 عاماً طوال تاريخها الذي امتد لأكثر من خمسة آلاف سنة ،

- ثم العصر البابلي (586 – 537 ق.م) احتل الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني مدينة القدس بعد أن هزم آخر ملوك اليهود صدقيا بن يوشيا عام 586 ق.م، ثم العصر الفارسي (537 - 333 ق.م ) تحت حكم الملك قورش ،

- ثم بدأ العصر اليوناني (333 – 63 ق.م( استولى الإسكندر الأكبر على فلسطين بما فيها القدس عام 333 ق.م، وبعد وفاته استمر خلفاؤه المقدونيون والبطالمة في حكم المدينة، واستولى عليها في العام نفسه بطليموس وضمها مع فلسطين إلى مملكته في مصر عام 323 ق.م،

- بعد ذلك أصبحت القدس تحت الحكم الروماني (63 ق.م – 636م(  حيث استولى قائد الجيش الروماني بومبيجي Pompeii على القدس عام 63 ق.م وضمها إلى الإمبراطوية الرومانية وفى هذا العصر أثار من عاد من يهود الى القدس فى العصر الفارسى الشغب والعصيان المدنى مما تسبب فى تدمير القدس للمرة الثانية وتهجير كل من فيها من يهود ولم يبقى إلا المسيحيين فيها وغير الإمبراطور الروانى هدريان اسم المدينة الى إيلياء ، ثم تقلبت المدينة بين حالين حيث انقسمت الإمبراطورية الرومانية عام 395 إلى قسمين متناحرين مما شجع الفرس على الإغارة على القدس ونجحوا في احتلالها في الفترة من 614 إلى 628م، ثم استعادها الرومان مرة أخرى وظلت بأيديهم حتى الفتح الإسلامي عام 636م.

- حيث بدأ العصر الإسلامي الأول (636 إلى 1072م) عندما دخل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مدينة القدس سنة 636 /15 هـ و تسلمها بنفسه بناءا على طلب البطريرك صفرونيوس وكتب العهدة العمرية التى نصت على عدم وجود يهود بالمدينة وغير اسم المدينة من إيلياء الى القدس وبدأت تأخذ القدس طابعها الإسلامى ، وخضعت القدس لحكم السلاجقة عام 1071م،

 ثم سقطت القدس في أيدي الصليبيين عام 1099م بعد خمسة قرون من الحكم الإسلامي نتيجة صراعات على السلطة بين السلاجقة والفاطميين وبين السلاجقة أنفسهم وقتل الصليبيون فور دخولهم القدس قرابة 70 ألفاً من المسلمين وانتهكوا المقدسات الإسلامية . استطاع صلاح الدين الأيوبي استرداد القدس من الصليبيين عام 1187م بعد معركة حطين، وعامل أهلها معاملة طيبة، وأزال الصليب عن قبة الصخرة، واهتم بعمارة المدينة وتحصينها.

ولكن الصليبيين نجحوا في السيطرة على المدينة بعد وفاة صلاح الدين في عهد الملك فر يدريك ملك صقلية، وظلت بأيدي الصليبيين 11 عاماً إلى أن استردها نهائياً الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 1244م. وتعرضت المدينة للغزو المغولي عام 1243/1244م، لكن المماليك هزموهم بقيادة سيف الدين قطز والظاهر بيبرس في معركة عين جالوت عام 1259م، وضمت فلسطين بما فيها القدس إلى المماليك الذين حكموا مصر والشام بعد الدولة الأيوبية حتى عام 1517م.

- ثم جاء عصر العثمانيون حيث دخلت جيوش العثمانيين فلسطين بقيادة السلطان سليم الأول بعد معركة مرج دابق (1615 - 1616م) وأصبحت القدس مدينة تابعة للإمبراطورية العثمانية. وقد أعاد السلطان سليمان القانوني بناء أسوار المدينة وقبة الصخرة. وفي الفترة من عام 1831 - 1840م أصبحت فلسطين جزءًا من الدولة المصرية التي أقامها محمد علي ثم عادت إلى الحكم العثماني مرة أخرى.

- ثم بدأ عهد الاحتلال البريطانى حيث سقطت القدس بيد الجيش البريطاني في 8 - 9/12/1917 بعد البيان الذي أذاعه الجنرال البريطاني اللنبي، ومنحت عصبة الأمم بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، وأصبحت القدس عاصمة فلسطين تحت الانتداب البريطاني (1920 -1948) وفتحت فلسطين لليهود والعصابات الصهيونية بناءا على وعد بلفور عام 1917م أحيلت قضية القدس إلى الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، فأصدرت الهيئة الدولية قرارها في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1947 بتدويل القدس. وفي عام 1948 أعلنت بريطانيا إنهاء الانتداب في فلسطين وسحب قواتها، فاستغلت العصابات الصهيونية حالة الفراغ السياسي والعسكري وأعلنت قيام الدولة الإسرائيلية. وفي 3 ديسمبر/ كانون الأول 1948 أعلن ديفيد بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل أن القدس الغربية عاصمة للدولة الإسرائيلية الوليدة، في حين خضعت القدس الشرقية للسيادة الأردنية حتى هزيمة يونيو/ حزيران 1967 التي أسفرت عن ضم القدس بأكملها لسلطة الاحتلال الإسرائيلي وهو ما نعيشه حتى اليوم فى عصر الهيمنة الصهيونية الغربية

4- أن القدس فى ظل هذا التاريخ هى رمانة الميزان بالنسبة لقوة المسلمين فكلما تألقوا فى صنع الحضارة تمسكا بدينهم كانت القدس فى أحضانهم وكلما بعدوا وتخلوا عن ثوابتهم ومنهجهم ضاعت القدس ، بل نستطيع أن نقول ما هو أكثر بأن القدس دائما فى يد الأعلى شأنا والأكثر قوة فى العالم وصاحب السيادة وهو ما يعد مؤشرا أن عودة القدس رهينة بعودة المسلمين إلى سالف عهدهم وقوتهم بمعنى أخر هو أن معركة استرداد القدس هى معركة الحضارة ومعركة الوجود للمسلمين !

5- أن محاولات تغيير معالمها وهدم مقدساتها من قبل العصابات الصهيونية هى من قبيل فرض الأمر الواقع لترهيب المسلمين وتيئيسهم من التفكير فى استرداد القدس مرة أخرى لذا كان إعلان القدس عاصمة أبدية لإسرائيل محاولة لهدم الإرادة الإسلامية التى ترتكن الى عقيدة تبشر بزوال هذا الكيان الغاصب كشرط لإستعادة مكان الريادة ! وفى تجمعهم على أرض فلسطين وصعود نجم المقاومة البشرى بهذا النصرالقادم إن شاء الله .

6- أن مكانة القدس فى قلوب المسلمين واستمرار توريث هذا الحب والتواصل لهو ضمانة الاسترداد وبقاء جذوة الجهاد مشتعلة فى نفوس المؤمنين ، وأن انصراف المسلمون عن هذا الشعور وتلك المعانى هو بداية تخلى هذا الجيل عن المهمة المقدسة وسيبقى العار يلاحقهم إن تخلوا وسيأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أشداء على الكفار رحماء بينهم يحصدون الأجر نصر فى الدنيا وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين

وصدق الله العظيم "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" فانصروا الله بوضع القدس مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم ومكان معراجه الى السماوات العلى فى قلوبكم حتى يمن الله علينا ويضعنا فى قلب القدس التى ترسم اليوم وغدا مصير العالم لتحدد من الذى سيسود

ويبقى الأمل كبير فى شباب ورجال عرفوا فلزموا اجتهدوا وجاهدوا أحبوا فسعوا نحو المعالى يريدون لشريعة الحكم العدل سبحانه وتعالى أن تسود حبا ورغبة لا قهرا وخوفا ، وهم يعلمون علم اليقين أن الدنيا كلها فى حاجة الى شريعة العدل والحرية والمساواة والى منهاج العزة والكرامة والسعادة فى الدنيا والآخرة والله متم نوره ولو كره الكافرون

وأخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

إضافة تعليق