هل يرى القضاة مالا نراه؟

كنت ومازلت أرى فى القضاء الحصن الأخير للحفاظ على انتماء البعض لمصر والأمل الأخير فى مواجهة سلطة النظام الحاكم التى لا تلقى بالا لدستور أو لقانون فى سبيل تحقيق مصالحها ، وقد تابعنا بكل فخار انتفاضة القضاة ضد داء الفساد الأول الذى انهارت بعد مصر الدولة والمؤسسات وهو تزوير الانتخابات وهو ما يقدح فى شرعية النظام القائم كله بلا استثناء ! ورأينا كيف قال القضاة كلماتهم القوية فى تزوير استفتاء الرئاسة وانتخابات البرلمان بل وفضحوا دور زملاء لهم كانوا هم أعمدة التزوير فى كل انتخابات سابقة .

حتى بعد الإشراف الكامل للقضاة على عملية التصويت والفرز دون السيطرة على كشوف الأسماء ومقرات اللجان ! لكن كان موقفهم العام مشرفا أحيا الأمل فى نفوس الشعب أن هناك فى المعركة مع الفساد والظلم والاستبداد قضاة شرفاء ، وعندما تنبه النظام الحاكم وصبيانه على الدور القوى الذى يلعبه قضاة الاستقلال وأغلبية القضاة من خلفهم تآمر وقدر ثم قدر فأخرج القضاة من داخل اللجان الانتخابية بتعديل دستورى سيبقى وصمة عار فى جبين من قدمه ومرره (مع تعديل 33 مادة أخرى أفسدت الحياة الفاسدة فى مصر !)

ثم سلط عليهم ضعاف النفوس المتلهفين على السلطة والثروة من قضاة التيار الحكومى كما يصفهم المستشار الخضيرى أحد رموز تيار الاستقلال ، ثم استعمل العصى (التفتيش القضائى) والجزرة (المكافآت والتسهيلات) للسيطرة على البقية مع تضييق دائم على النوادى وتحريض مستمر ضد تيار الاستقلال ثم أجريت الانتخابات وسط ضغوط شديدة على القضاة نفسية ومالية واجتماعية ووظيفية لينجح تيار الحكومة ويسقط تيار الاستقلال بعد ما أحيا فى نفوسنا جميعا كشعب الأمل فى استرداد حقوقنا الأساسية المهدرة على يد هذا النظام الفاشى الذى لامثيل له فى تاريخ مصر! وهنا نتسائل لنفهم أو نحاول أن نجد تفسيرا لما حدث فى هذه الانتخابات(فبراير2009):

· هل يرى القضاة الذين ساندوا التيار الحكومى أن محاولات الصمود فى وجه نظام مهترئ يلعب بالعصى أكثر مما يملك من الجزر ويلعب به قد باءت بالفشل ونصيحة القضاة لنا الآن إنه مفيش فايدة المكان محاصر!؟

· هل تأكد القضاة أن طريقهم لكلمة حق يحتاج الى أكثر مما فعلوه ونالوه من تأييد شعبى ووقفات احتجاجية ورفض لسيطرة السلطة التنفيذية ! كل ذلك وحده لن يكفى وعليه يجب الاستراحة كمحاربين قدماء لحين لم الشمل والسعى لتحميس أغلبية القضاة حتى ينالوا حقوق الشعب الذين هم رموز العدالة لديه؟

· هل رأى القضاة أن محاولات الإصلاح والإنفكاك من سيطرة النظام هو الارتماء فى حضنه لمزيد من محاولات الاصلاح من الداخل مع الاستمتاع المؤقت بالرضا للعيش بكرامة فى وطن افتقد كرامته على أيدى حكامه ؟

· هل يفهم من ذلك دعوة النقابات المهنية والعمالية الى ترك نقابتهم فى أيدى التيار الحكومى  بكل نقابة لحل المشاكل ورأب الصدع !؟ رغم أن الواقع يقول أن الجميع فى طريقه لخلع الحكومة ورجالها المفسدين فى كل موقع تحريرا للإرادة واستخلاصا للحقوق ! التى ضاعت بالاستسلام والإرتماء تحت أقدام هؤلاء الملاعين المتحكمين!

· هل نفهم أن الانتخابات القادمة- أى انتخابات- سيسترها القضاة مهما حدث فيها حتى لا نغضب الحكومة أو النادى أو المجلس الأعلى ! والغضب هنا معناه ليس حرمانا فقط بل تشهير وتجريس لمن يفضح التزوير !! وسبحان مقلب القلوب

· هل نفهم من ذلك وما جرى فى الانتخابات الأخيرة التى فرح بها البعض حتى رقص من فرط السعادة أننا لن نرى أحدا يفهم أو ينفعل بما يقوله المستشار البشرى عن الدولة المشخصنة" إنها دولة الحكم المطلق وليست مجرد دولة الاستبداد ، أقول ليست هذه ولا تلك لأن الحكم المطلق أو الحكم المستبد قد يكون حكم جماعة مهما كانت جماعة ضيقة كالأسر الحاكمة أو حكم طبقة كالطبقة الرأسمالية أو حكم طائفة تسيطر على حكم بلد ما ،....

أما الدولة المتشخصنة فإن القائم عليها لا تربطهعائلة قبلية ولا نقابة ولاجماعة دينية ولا حزب سياسى أو طبقة اجتماعية وهو يسيطر بذاته على مفاتيح السلطة وتصير ألة الحكم وأجهزته كلها تحت أمرته، إن سخصنة الدولة هى آفة انتظام الجماعة وآفة الدولة ونظامها فاعليتها وكونها المهدد الأساسى لاستمراركفاءتها والمسبب الأساسى من بعد لانهيار قوائمها والأسس التى يقوم عليها صرحها"  فهل ساعد القضاة الدولة فى شخصنة أحوالها عندما نظر كل قاضى لحياته ومصالحه بعيدا عن متطلبات المرحلة التى تحياها مصر ؟ بشكل أخر هل ساعد القضاة الذين صوتوا لتيار الحكومة على سرعة انهيارالأسس التى تقوم عليها مصر ؟!

· هل بعد غياب القضاة الأحرار وما أكثرهم عن التأثير فى مجريات الأحداث العامة خاصة الانتخابات أننا سوف نرى نمازج مثل الدكتور العلامة مصطفى الفقى وأمثاله تتكرر بعيدا عن رقابة القضاة والشعب ويستمر الدوار فى حلقة مفرغة من إدعاء الشرعية ببجاحة ولا أحد ينطق بالحق فى غيبة القضاة الذين اختاروا أخيرا تيار الحكومة التى أذلت الشعب المصرى؟!

· هل يرى القضاة فى الأفق مالانراه وأن القادم هو ملك خالص للنظام المصرى الذى تتبدى على سماته ومحياه علامات سوء الخاتمة التى فشل القضاة فى استشرافها أو الإحساس بها ؟! هل نراجع نحن كشعب وقوى فاعلة أنفسنا ورؤانا تجاه النظام؟ أم يراجع القضاة موقفهم الجديد الذى أصاب كل المخلصين فى مصر بصدمة واضطراب ؟ ومع تقديرنا المبدئى للقضاة ولكل مواقفهم السابقة قبل أن يضعوا القيود –بأصواتهم - فى أياديهم ! فكل ما نرجوه منهم هو جمعية عمومية حية مستقلة تحاسب المتاجرين بأصواتهم مع نظام مفضوح أمام العالم وليس المصريين فقط بعد مواقفه المشينة مع أبناء غزة ضد إرادة شعبه وشعوب العالم أجمع! كل ما نرجوه ألا يستسلم القضاة لنظام سبق وأن استسلم لأعداء الأمة فى وضح النهار" وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا"

إضافة تعليق