تفهيم المتخلفين ومحنة الوطن

ردا على مقالة رئيس تحرير الجمهورية

تكفير المصريين وتقسيم الوطن

رئيس تحرير الجمهورية صحفى مجهول التاريخ على مستوى الرأى العام بل وعلى مستوى النخبة الواعية وفجأة جاءت به لجنة السياسات بالحزب الوطنى بعدما حلم به أحد الصحفيين فى جريدته خلفا لسمير رجب مؤسس الجمهورية الحديثة !!!

وبالتالى فهو مدين للجنة السياسات بهذا المنصب وتلك القفزة ومستعد لتنفيذ أى مهمة ! وقد بدأ نشاطه فى انتخابات 2005 وكانت النتيجة الحتمية للخطة الإعلامية الجهنمية هى فوز الإخوان بمقاعد أكثر مما توقعوا هم أنفسهم رغم الكذب والترويج والافتراءات التى ادعوها على مرشحى الإخوان ورغم التمجيد والدعم الذى قدم لمرشحى الحزب الحاكم – غصبا – حتى اضطرت لجنة السياسات بإصدار أوامرها بالتزوير واستعمال العنف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ! ثم شن الصحفى الفلتة حملة جديدة على القضاة الشرفاء الذين فضحوا نظام الحكم المزور المتهالك وادعى عليهم أنهم من جماعة الإخوان المحظوظة !

واحتكم القضاة الشرفاء الى القضاء فأنصفهم وحكم على المتهم بالتزوير – ابن لجنته – بالسجن والتعويض ! ولأنه مازال غارقا فى نعيم القرب من السلطة وحلم الترقى الى الأحسن ! ولأنه يعلم موقف الإخوان من التوريث الذى جاء ليروج له بعد كلام واضح من الإخوان لا يحتمل التأويل حيث أبدى الدكتور محمد حبيب في بعض تصريحاته مستبعدا أن يقدم الإخوان أي تنازلات تحت الصعوبات، قائلا: "أيا كان التصعيد، فموقفنا من التوريث لن يتزعزع"، مشيرا إلى أن جمال مبارك سيكون حاكما مستبدا، و"ليس بوسعنا بأي حال من الأحوال أن نهدر ثلاثين عاما أخرى من عمر الشعب في تجربة مشابهة لتجربة مبارك الأب"، فإنه كتب مقالا فى بداية الحملة الإعلامية السنوية ضد جماعة الإخوان بجريدة الجمهورية يوم الخميس 6 أغسطس 2009 لا جديد سواء فى المعانى أو الألفاظ بها رغم انتسابه الى الفكر الجديد !

وقد بنى مقالته على ادعاءات باطلة من عينة : " فعندما أسس حسن البنا جماعة الاخوان اسبغ علي أعضائها "فقط" نعمة الايمان وليس علي جميع المسلمين" هكذا ادعى الصحفى المسكين وحكم على فكر حسن البنا دون أن يرجع لتراث البنا أو يفهم شيئا مما كتبه البنا وصار به أحد المراجع الإسلامية فى العصر الحديث ليجمع لا ليفرق حيث قال والحب يقطر من كلماته:

 يتساءل كثير من إخواننا الذين أحببناهم من كل قلوبنا و وقفنا لخيرهم و العمل لمصلحتهم الدنيوية و الأخروية جهودنا و أموالنا و أرواحنا، و فنينا في هذه الغاية، غاية إسعاد أمتنا و إخواننا ، عن أموالنا و أنفسنا. و كم أتمنى أن يطلع هؤلاء الإخوان المتسائلون على شباب الإخوان المسلمين و قد سهرت عيونهم و الناس نيام، و شغلت نفوسهم و الخليون هجع، و أكب أحدهم على مكتبه من العصر إلى منتصف الليل عاملا مجتهدا و مفكرا مجدا، و لا يزال كذلك طول شهره، حتى إذا ما انتهى الشهر جعل مورده موردا لجماعته، و نفقته نفقة لدعوته، و ماله خادما لغايته، و لسان حاله يقول: لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الله. و معاذ الله أن نمن على أمتنا فنحن منها و لها و إنما نتوسل إليها بهذه التضحية أن تفقه دعوتنا و تستجيب لندائنا.

وهنا سلك الصحفى المسكين خطا أخر يرضى غروره ويحقق مؤامرة أسياده الذين استكتبوه فيقول : "تخصيص" الاسلام هو نوع من الفرز الديني والطائفي المتعالي علي المجتمع والوطن.. بل انه يتناقض تناقضا خطيرا مع قدرة الاسلام علي التكيف والمساواة في الدولة الحديثة. ومن نفس الفكرة والعباءة خرج "حزب الله". فهو الرد الشيعي علي الاخوان المسلمين.. وحزب الله وان كان أكثر ضيقا وتزمتاً. الا انه يتفق مع الاخوان المسلمين في المعني الأعم والأشمل وهو أن سائر المواطنين والطوائف ما لم يكونوا أعضاء في "حزب الله" أو "الاخوان" فانهم محشورون في "حزب الزقوم" الذي خص به القرآن الكريم الجماعات الكافرة التي لم تتقبل الاسلام.) طبعا هذا من باب وضع الإخوان وحزب الله فى قضية واحدة تخدم خطط حكام الداخل وتهئ مناخ التعاون الدولى للإعتداء على إيران لمنعها من الدخول فى النادى النووى !

ثم يلجأ رئيس التحرير الفهيم الى إثارة خلفيات قضية التنظيم الدولى منتقدا من أدعى أنها قضية دعم فلسطين ونصرة الشعب الفلسطينى حيث يشرح ويوضح سيادته قائلا" نصرة فلسطين لا تكون بالشعارات والمظاهرات..! ولا تكون بالدفاع عن "خلية حزب الله" التي ضبطت في مصر وهي تخطط لضرب موارد الاقتصاد الوطني من قناة السويس وخطوط أنابيب البترول..! نصرة فلسطين أمامها طريق واحد في الوقت الراهن هو مساعدة الفلسطينيين علي قيام دولتهم المستقلة إلي جانب دولة الاحتلال الغاشمة والحصول علي اعتراف العالم بهم.. هذا هو الطريق الوحيد والصحيح.) !!  إذن الطريق الوحيد لدى الصحفى العلامة فى ظل الاعتداءات اليومية والقتل والتعذيب فى السجون وهدم البيوت والحفر تحت المسجد الأقصى وبناء المستعمرات وتدعيم الفصل بين غزة والضفة وعزلهم بحائط عملاق هو المساعدة على قيام دولتهم بالمفاوضات العبثية والتنازلات المهينة حتى صار تجميد بناء المستوطنات مقابل التطبيع الكامل مع دولة الاحتلال ! على خطى سياسة لجنة السياسات التى انبطحت أمام الشروط الصهيونية !!!

ويستمر نهج المغالطة والتحريض الفاشل عندما يدعى من خيالاته المريضة بحب لجنة السياسات وعجزها فى ملف القضية الفلسطينية ويقول " إن ماتقوم به "حماس" حاليا في غزة ليس مقاومة وانما تثبيت لاركان الحكم وفرض الايدولوجية الإسلامية والإخوان الأم الرؤوم لحماس يهمهم أن ينجح وليدهم ويقيم إمارة إسلامية.. هذا هو المهم.. أن ينقسم الوطن الفلسطيني إلي دويلة إسلامية وأخري علمانية.. نفس الشيء يريدونه في مصر.. فلماذا لايكون جزء من سيناء "إسلامي" وينضم الي غزة باسم "غزة الكبري". وهو المشروع الصهيوني الذي طرحه كتاب وسياسيون إسرائيليون ويتبناه "الإخوان" في نفاق واضح ورخيص) واضح حجم الغل بنفس قدر حجم العبط والسذاجة فى صياغة أفكاره الكارهة للإخوان والمنعكسة على الاسلام ! فمن فى مصر يفكر فى تقديم سيناء الى الفلسطينين لإقامة دولة أو إمارة كما يحلو لهؤلاء الوصف ! لقد جاهد الإخوان منذ نشأتهم لوحدة مصر والسودان فكيف يستقيم الفكر للتنازل عن سيناء ؟ ومن تنازل عن سيناء الإخوان أم النظام الذى ما عاد يملك السيطرة على شبه الجزيرة بعد اتفاقية كامب ديفيد لا برا ولا بحرا ولاجوا ! وهذا هو السبب الحقيقى فى عدم تعمير سيناء حتى اليوم فكيف تعمر حكومة جزءا من الوطن لا يقع تحت سيطرتها الأمنية ولا تستطيع أن توفر له أمنا ولا أمانا !!!

ولعله لم يقرأ تصريحات اسماعيل هنية رئيس وزراء الشعب الفسطينى الشرعى في سياق الحديث عن الجماعات السلفية والقاعدة في غزة"  أننا نتعامل معهم برفق وإذا استمروا على غيهم سنستعمل ما يليق معهم من أمور وقال إن تكوين الجماعات السلفية في غزة من ضمن مخططات بعض المخابرات العربية والإسرائيلية للضغط على حماس وتمرير سياسات القتل والتدمير على الشعب الفلسطيني" .والتساؤل هنا هل هؤلاء الأبطال فى غزة امتداد لفكر القاعدة الذى يدعيه أقزام الإعلام المصرى فى كل مكان تشويها للجهاد ودفاعا عن الخونة من فصيلة أوسلو فى السلطة الفلسطينية!؟

إذن من أين جاء هذا المسكين بهذا الخبل ليبنى عليه أحكاما تخدم أجندة أسياده فى لجنة السياسات ومن فوقهم !؟ حتى يبدو أنه لم يقرأ لأمين الإعلام بلجنة السياسات تصريحه الذى ينفى كل كلمة ادعاها هذا الصحفى - الذى حان وقت الاستغناء عن خدماته قريبا ! - حيث جاء فى الأخبار: اعترف الدكتور على الدين هلال امين الاعلام بالامانة العامة للحزب الوطنى ان جماعة الاخوان المسلمين لا تنفذ اجندات تتناقض مع المصالح المصرية ولا تخضع لاملاءات اطراف خارجية ووصف هلال الخلاف بين الحزب الوطنى والحركات السياسية المعارضة مثل جماعة الاخوان المسلمين وحركة شباب 6 ابريل بالطبيعى وقال أثناء مشاركته فى ندوة نادى شباب المستقبل:" اختلاف الحزب الوطنى مع جماعة الأخوان المسلمين والحركات السياسية الشبابيه وفى مقدمتها 6 ابريل طبيعى والمهم ان الاخوان لا ينفذون اجندات خارجية ولا يملى احد عليهم شيئا "(موقع بر مصر) وهذه الاعترافات تقوض قضية التنظيم الدولى التى لفقها النظام لممارسة الضغوط على الإخوان لتمرير مخطط التوريث !

وأخيرا يبرر هذا الصحفى المغلوب على أمره فشل مفاوضات الصلح التى أعترف الجميع بما قدمته حماس فيها من تنازلات لتوحيد الصف الفلسطينى ورغبة منها فى تجاوز الفرقة التى تصب فى مصلحة الكيان الصهيونى رغم الاعتقالات التى لم تتوقف فى صفوف كل من ينتمى الى المقاومة فى الضفة الغربية سواء كانوا أفرادا أم مؤسسات فيقول فض الله فوه: " الإخوان يؤيدون "حماس" ولايناصرون القضية الفلسطينية.. ومحاولة فرض ايدولوجية حركة المقاومة الإسلامية في غزة هي التي عطلت المصالحة.. وأوقفت المصلحة الاستراتيجية العليا للفلسطينيين كي يكونوا يدا واحدة.. من أجل ذلك ترفض حركة "حماس" ويؤيدها الإخوان وجود السلطة الفلسطينية أو ممثلين لها علي معبر رفح الذي سعت بكل الوسائل بما في ذلك اقتحامه لفتحه منفرداً لها غير مكترثة ببقية المعابر.. والسبب بسيط فهذا المعبر هو الذي سيعطيها الشرعية ويربطها كحبل سري بالحركة الأم في مصر.. الاخوان المسلمون..) هذا التصور الساذج يبرئ الإخوان من قضية التنظيم الدولى فإذا كان حرص الإخوان على فتح المعبر ليكون هو الحبل السرى وطريق التواصل مع حماس واكتسابها الشرعية! فما مدى صدق قضية التنظيم الدولى الذى لا يربط مصر بأى دولة من الدول المتهمة بوجود تنظيم إخوانى بها أى معابر أونقاط تماس !! هذا الإضطراب فى الفكر والعوج فى الفهم والفساد فى السلوك لن ينفع الفكر الجديد الذى تسبب فى انهيار مصر على كل المستويات ويريد أن يشغل المصريين بأسباب وهمية يعلقون عليها فشل إدارتهم وفساد منطقهم ومأساوية واقع مصر فى ظل حكمهم  ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

دكتور محمد جمال حشمت
6 أغسطس 2009م

إضافة تعليق