الراسبون والسبابون يتقدمون!

فى مجتمع متدين مثل المجتمع المصرى مسلميه ومسيحييه يعتبر سب الدين كفر بالله صاحب الدين ومرسل المرسلين به سبحانه وتعالى ، وهذا إن دل على شئ إنما يدل على أن التلفظ به ليس لغوا بل منهج تفكير لدى هؤلاء الذين قذفوا الأخلاق خلف ظهورهم وتنصلوا من مرجعية الأمة والدستور من أجل صراع سياسى وحرص دائم على كراسى السلطة ، فقد تلفظ بها وزير – بغض النظر عن ديانته فالمسيحيين فى مصر أحرص الناس بعدا عن سب دين الأغلبية وهناك وزراء مسلمين يسبون الدين خلف الكواليس- وتلفظ بها نواب تم تزوير الانتخابات لهم لأنهم من ضباط أمن الدولة الذين استقالوا لتتزين بهم مقاعد المجلس تحقيقا لوعد الرئيس بالوفاء لكل من خدم النظام وقام على حمايته فأصبحت وظائف الإدارة العليا فى مصر- تنفيذيين ومستشاريين-  تقوم على رجال الشرطة والجيش بنسبة تعدت 70% !!! وقد بدأت الأحداث كالتالى حيث جاء على لسان وزير المالية الاثنين، 28 ديسمبر 2009 تحت قبة مجلس الشعب وفى اجتماع لجنة الخطة والموازنة أمام نواب الشعب، عندما سأل أحمد عز رئيس الجلسة يوسف بطرس غالى وزير المالية عن الموقف فى منطقة عزبة الهجانة، قائلا، "نعوض الذين اشتروا فى هذه العمارات المخالفة بعد أن نزيلها ثم نلاحق الملاك ونجرى ورا اللى خالف "وأطلع دين اللى خلفوه."

ثم بعدها بيومين وقعت الأزمة الثانية أثناء مناقشة عدد من طلبات الإحاطة حول بناء «الجدار الفولاذى» على الحدود المصرية مع قطاع غزة، فى لجنة الدفاع والأمن القومى، عندما قال بدر الدين القاضى(ظابط أمن دولة سابق) : «الشعب الفلسطينى على راسنا، لكن ولاد الوسخة..،»، مشيراً إلى حركة حماس فى غزة، فقاطعه نواب «الإخوان» احتجاجاً على سب الحركة، فسارع النائب إلى سب الدين للنواب. وقرر الدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، الذى رأس اجتماع اللجنة، شطب كلمتى «ولاد الوسخة» من مضبطة الاجتماع. وتبادل نواب «الإخوان» الاشتباك اللفظى مع نائب الحزب الوطنى نشأت القصاص الذى اعترف لـ«المصرى اليوم» بأنه قال لنائب إخوانى (لم يحدده): «أنا أشرف منك يا ابن الكلب»، بعد أن سمعه يقول له: «انت إسرائيلى». واتهم النائب حازم حمادى (وهو ضابط شرطة سابق) نواب الإخوان بـ«العمالة».!!!!

وحتى هذه اللحظة لا توجد ردود أفعال سريعة ضد من سب دين الأمة بينما عانى طلاب وأساتذة ومواطنين ورؤساء تحرير مسوا شخص الرئيس من خلال مسئولياته وتدهور حال الوطن فى ظل رئاسته أو لتدهور فى صحتهبشكل عاجل فتم تحويلهم الى المحاكمة ونالوا جزاءات الحرمان لأنه لدى المنافقين أمر لا يغتفر  بينما سب دين الأمة لشعب متدين بطبعه لاغبار عليه بل هو أمر فيه نظر !!

ويستمر مخطط تغييب الشعب المصرى بكل طبقاته ورموزه ونخبه فى محاولة رخيصة وفاجرة لا تستحى من إحكام السيطرة على كل مؤسسات الوطن تحت إمرة لجنة السياسات والمنتفعين من ورائها فى كل مكان فى مصر الذين باعوا أخرتهم بدنيا غيرهم ! ولعل ما حدث فى نادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة وهو النادى الوحيد الذى كان منتخبا وسط أندية تم السيطرة عليها فى غياب الأساتذة أو بالتزوير وكانت  ادواتهم فى ذلك وزارة التضامن الاجتماعى الفاشلة فى إدارة ملفاتها الحيوية وأعضاء هيئة التدريس الطامحين  لمنصب أو مكافأة ! فمارس النظام سياسة الإقصاء التى يجيدها تحت حراسة الأمن و أفرغوا الساحة أمام مرشحين فاشلين لم ينجحوا فى أى مواجهة انتخابية نزيهة كى يتولوا مسئولية النادى الحر الوحيد والحصن الأخير !!

ولم يكن حال الطلاب بأفضل من حال أساتذتهم حيث انتابت طلاب كلية العلوم بجامعة الزقازيق حالة من الدهشة والاستغراب بعد اختيار الطالب أسامة عوني كطالب مثالي بالكلية هذا العام، كونه أحد أمناء شباب الحزب الوطني بقريته، على الرغم من رسوبه العام الماضي. وعبَّر الطلاب عن استيائهم من هذا الاختيار؛ خاصة أن شروط التقدم للمسابقة لم تتوافق معه نهائيًّا، فلم يكن يومًا ممارسًا للنشاط، كما ولم يكن متفوقًا، ولم يحصل على أعلى التقديرات بدليل رسوبه العام الماضي!!!!

ويستمر النظام فى أداء دوره لعكننة الشعب المصرى واتخاذ قرارات فى غير مصلحته وعلى غير هواه ورغبته ! وكيف يسمتع الشعب المصرى بإرادته وهو لم يتذوق طعم الانتخابات النزيهة يوما ما ! ولم يكلف أحدا مما فى السلطة اليوم لتولى أمور الحكم !فإذا به فى ذكرى مذبحة غزة وفرض الحصار عليها بمشاركة النظام المصرى ومع استمرار غلق المعابر لمرور احتياجات الشعب الفلسطينى المحاصر منذ أكثر من ثلاث سنوات وفى ظل إقامة سورى فولازى لمنع تقديم الدعم للمحاصرين من خلال الأنفاق – بعيدا عن المخدرات والممنوعات التى يتحججون بها رغم انتشارها فى قلب القاهرة تحت سمع وبصر الأمن وكبار القوم – وذلك عبر رفح ،فإذا بهذا النظام الشؤم يمنع قوافل الدعم التى جاءت من أوربا وأمريكا ويطارد نشطاء السلام فى شوارع القاهرة وشمال سيناء ثم يتوج كل هذا الأداء المتميز لخدمة الكيان الصهيونى بالسماح لحاخامات اليهود والمتطرفين بزيارة مقبرة المدعو أبو حصيرة رغم صدور أحكام قضائية نهائية لمنع المولد والزيارة فى أى وقت بعد رفض قرار وزير الثقافة المصرى باعتبار المقبرة أثرا سياحيا ! فإذا بقرار رئاسى بتوصية من النتنياهو لاستقبال وفود اليهود للزيارة بدامتيوه فى دمنهور وليخبط الشعب المصرى رأسه فى الحيط !

الحقيقة أن ما يحدث يعبر تماما عن النظام الحاكم بأخلاقه ورؤيته فى إدارة الدولة فى غياب الأحرار الذين يقفون أمام شطحاته ونزواته ففرغ كافة المؤسسات منهم ليتفرد بالقرار الذى لا يعبر إلا عن مصالحه فالشعب لا يملك من أمره شيئا حتى يملك القدرة على منح أومنع صوته لمن يريد لذا ينظر النظام دائما للخارج فى المربع الصهيونى الأمريكى الذى يستمد منه الحماية ليحقق له أمنياته قبل طلباته ويتم القصف الإعلامى والرسمى تحت مظلة حماية الأمن القومى المصرى وأعمال السيادة وحماية الشعب المصرى الى أخر هذه النغمة الكاذبة التى أهانت مصر وسط الأمم وضاعت ريادتها الحقيقية لصالح تحالفات وضغوطات لعبت فيها مصر دور الوسيط الديليفرى لا أكثر ولا أقل!

وسيبقى الفاشلون والراسبون والسبابون بجوار الكاذبين ولصوص المال العام والمنافقين يتصدرون المشهد فى الحالة المصرية لفترة لن تطول إذا أقدم الشعب المصرى على معرفة حقوقه وعدم التنازل عنها لكائنا من كان ومقدرا أنه لكى ينال حريته ويستمتع بحقوقه لابد له من تقديم تضحيات يشترك فيها الجميع لأنه زرعهم وعليهم جميعا حصاده، ولن تطول فترات الهيمنة والإذلال التى يعانى منها الشعب المصرى على يد حكامه وإن غدا لناظره قريب والله يعلم وانتم لاتعلمون

دكتور محمد جمال حشمت

g.hishmat@gmail.com

2 يناير 2010

إضافة تعليق