من يقصد السيسي بتهديداته الغاضبة؟

من يقصد السيسي بتهديداته الغاضبة؟

أثارت رسائل التهديد والوعيد التي أطلقها عبد الفتاح السيسي -في خطابه خلال افتتاح حقل الغاز المصري "حقل ظهر"- وتحذيره من يتطلع إلى تحدي سلطته بدعوى الحفاظ على أمن مصر واستقرارها تساؤلات بشأن المعني بتلك الرسائل والمقصود بهذا التحذير.

وتضمنت الكلمة التي ألقاها السيسي وهو في حالة غضب وتوتر ملحوظين إشارة سلبية لأحداث ثورة يناير 2011 حيث شدد على عدم السماح بتكرارها، متوعدا من يتطلع إلى ذلك (دون تسميته) بإجراءات "أخرى". وألمح إلى طلب تفويض جديد لاتخاذها، كما أكد أن حياته وحياة الجيش ستقف حائلا أمام تلك المحاولات.

وقد تعددت التكهنات من قبل سياسيين ومراقبين بشأن من يقصدهم السيسي في خطابه الغاضب الذي حمل تهديدات مبطنة لمن يعارض استمراره في السلطة، خاصة مع ما كشف عنه الإعلامي المقرب من السلطة أحمد موسى من أن الرئيس لديه معلومات أكيدة بوجود خطط واضحة للانقلاب على الدولة.

نتاج خوف

ويرى القيادي بجماعة الإخوان المسلمين جمال حشمت أن خطاب السيسي يعكس حالة نفسية متردية هي نتاج خوفه من أي منافسة حقيقية في ظل فشل أدائه وتزايد معاناة الشعب بسبب سياساته، واستمرار حالة القهر والسيطرة على مؤسسات الدولة.

ويذهب حشمت - في حديثه إلى الجزيرة نت- إلى أن هذا الخطاب موجه لكل من يسعى لزحزحته والعمل على إعادة دمجه مع الشعب الذي لقي منه العذاب والإهانة، ومن ثَم أعلنها بوضوح أنه لن يترك مكانه إلا بالموت مفضلا بذلك مصير الرئيس الأسبق أنور السادات على مصير الرئيس المخلوع حسني مبارك.

كما اعتبر أن السيسي نجح في تقليم أظافر الجيش وتوريطه معه بشكل يحول دون القيام بفعل جماعي لإزاحته، لكن ذلك يفتح المجال للاجتهادات الفردية التي لن تتحمل مؤسسة الجيش وزرها حال حدوثها، وهو ما يفسر نظراته الغاضبة لوزير دفاعه كأنه يحمله مسؤولية أي تصرف يتوجه ضده.

بينما يتوقع أستاذ القانون الدولي والسفير السابق عبد الله الأشعل أن يكون السيسي قد توفرت له معلومات عن وجود تحركات لمؤيدي عنان داخل الجيش والمؤسسة العسكرية، الأمر الذي وضعه في حالة نفسية حادة استدعت هذا الخطاب المتشنج.

ولم يستبعد في حديثه للجزيرة نت أن يكون "انزعاج" السيسي من دعوات القوى السياسية المعارضة لمقاطعة الانتخابات والدعوة إلى التوحد ضد نظامه أحد مهيجات لهجته الغاضبة، حيث لا يجد في ذلك تعارضا مع رغبته في إيصال رسالة تهديد ووعيد لمناوئيه داخل مؤسسات الدولة.

موقف متأزم

بينما يرى رئيس تحرير صحيفة "المشهد" مجدي شندي أن الخطاب الذي ألقاه السيسي لا يصح أن يتوجه به إلا إلى "إرهابي" أو "متآمر" لإسقاط الدولة، ولا يُتصور أن يكون موجها لمنافسيه من قوى المعارضة والكيانات والشخصيات التي قدمت نصيحة بضرورة إجراء انتخابات نزيهة.

وذهب شندي -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن خطاب الرئيس كان "مشوشا" وألغى الخطوط الفاصلة بين مهددات الدولة وأمنها القومي، وبين الاستحقاق الانتخابي الذي يفترض أن ينافسه فيه آخرون منافسة حرة وشفافة، وهو ما أدى به إلى اختزال الدولة في السلطة والسلطة في شخصه.

وأشار إلى أن تناوله لثورة يناير بشكل سلبي يتناقض مع الدستور الذي يراه "أحد أهم مكتسبات ثورة 30 يونيو 2013" ويمنح مصداقية لمن يتحدثون عن وجود ثورة مضادة، كما يعكس خشية من أن يتحول الحراك السياسي المدني الرافض لإجراء انتخابات بشروط مجحفة إلى حراك شعبي.

اعتقالات وتفاعلات

وجاء خطاب السيسي بعد تصاعد دعوات المقاطعة للانتخابات الرئاسية التي تنحصر المنافسة فيها بين السيسي ورئيس حزب الغد الجديد موسى مصطفى مرشح اللحظات الأخيرة، بعد استبعاد وانسحاب مرشحين مدنيين وعسكريين، وكان آخر تلك الدعوات من قبل الحركة المدنية الديمقراطية التي سبقتها دعوة شخصيات عامة من بينها ثلاثة مرشحين سابقين بالانتخابات الرئاسية.

وتزامن ذلك مع ما نقلته وسائل إعلام عن مصادر عسكرية من اعتقال قيادات بالجيش موالين لرئيس الأركان الأسبق الفريق سامي عنان المحتجز على خلفية إعلانه الترشح لانتخابات الرئاسة، تضم (وفق المصدر) ضباطا من رتب رفيعة بينهم ثلاثة من قيادات المنطقة العسكرية الشمالية.

وكان موقع "ميدل إيست آي" كشف في وقت سابق أن اجتماعا عقد في القاهرة، لبحث المرشح لخلافة السيسي، شارك فيه عدد من كبار ضباط الجيش منهم رئيس هيئة أركان الجيش الأسبق الفريق مجدي حتاتة، والقائد السابق للجيش الثالث الميداني أسامة عسكر.

المصدر : الجزيرة

http://www.aljazeera.net/amp/news/reportsandinterviews/2018/2/3/من-يقصد-السيسي-بتهديداته-الغاضبة

إضافة تعليق