تسريح موظفي مصر.. إعادة هيكلة أم تقليل نفقات؟

تسريح موظفي مصر.. إعادة هيكلة أم تقليل نفقات؟

بدعوى تقليص البيروقراطية واجتذاب الاستثمار الأجنبي، قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إنه يعمل على إعادة هيكلة الحكومة بما يتضمن تخفيض عدد موظفي القطاع العام.

وربط مدبولي خلال لقاء بالغرفة التجارية الأميركية بالقاهرة، بين إعادة الهيكلة ونقل مقار الحكومة إلى عاصمة إدارية جديدة قيد الإنشاء، إضافة إلى تقديم الكثير من الخدمات الحكومية عبر الإنترنت، علما بأنه من المقرر نقل مقار الوزارات والمصالح الحكومية إلى العاصمة الجديدة -على بعد حوالي 45 كيلومترا شرقي القاهرة- العام القادم.

وبالتزامن مع تصريحات رئيس الحكومة، أعلن رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة صالح الشيخ عدم طرح تعيينات (وظائف) بالجهاز الإداري للدولة قبل عام 2020، وسيكون التعيين بعد هذا التاريخ وفق دراسة مدى الحاجة لموظفين.

وحسب تقرير نشره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في أكتوبر/تشرين الأول 2017، بلغ عدد العاملين في القطاع الحكومي نحو خمسة ملايين فرد مقابل 5.8 ملايين موظف في العام المالي الذي سابقه، ورغم ذلك فقد خصصت الموازنة العامة للدولة نحو 240 مليار جنيه (13.4 ميار دولار) لرواتب الموظفين في ميزانية 2017-2018 مقابل 228.7 مليار جنيه (12.7 مليار دولار) في ميزانية 2016-2017.

ووقعت مصر في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 اتفاقا مع صندوق النقد الدولي، بموجبه تحصل القاهرة على قرض بقيمة 12 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، ويرتبط صرف شرائح القرض بإجراءات اقتصادية منها إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وخفض عدد العاملين بها.

تصريحات ممهدة
لم يدع المسؤولون الحكوميون مناسبة للتحدث عن المأزق الاقتصادي الذي تمر به البلاد إلا وربطوه بميزانية موظفي الدولة.

وأرجع الرئيس عبد الفتاح السيسي في مايو/أيار الماضي زيادة الدين العام إلى مرتبات الموظفين وفوائد الاقتراض من الخارج.

ورأى أن الحاجة الفعلية للعمل لا تحتاج ملايين الموظفين، وقال إنهم وظفوا مليون شخص في 2011 لا تحتاجهم الدولة لأن الجهاز مشبع، ثم وظفوا مليونا آخر.

وقبل عامين، قال السيسي إن الحكومة لا تحتاج سوى مليون موظف من أصل سبعة ملايين موظف.

وصرح وزير المالية محمد معيط في أغسطس/آب الماضي بأن الرئيس أمر بدراسة أجور موظفي الدولة، دون إشارة لأسباب الدراسة أو ما سيترتب عليها من نتائج، وقبله بشهور قالت وزيرة التخطيط هالة السعيد إن الجهاز الإداري يضم موظفا لكل 22 مواطنا، بينما تستهدف الحكومة الوصول إلى موظف لكل 80 مواطنا خلال السنوات المقبلة.

أما رئيس البرلمان علي عبد العال فذهب لأبعد من ذلك، إذ قال إن صغار الموظفين يعيقون حركة العمل.

جمال حشمت: تسريح الموظفين خطوة حكومية غير مستغربة (الجزيرة)


إهدار طاقات

وبينما اعتبر رئيس الحكومة أن تقليص عدد الموظفين يساعد في جذب الاستثمار الأجنبي، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب في التوجه الحكومي الأخير رسالة سلبية للاستثمار المحلي والأجنبي.

وقال للجزيرة نت إن الاستثمار الأجنبي المباشر عادة يبحث عن الاقتصاد الذي يحقق له أقل تكاليف ممكنة وأكبر قدر من الأرباح.

وأضاف أن "الاستثمار يحصل على احتياجاته من الأيدي العاملة الماهرة والمدربة من الاقتصاد الذي سيذهب إليه".

لذا فتخفيض الحكومة إنفاقها على التعليم أو الصحة، أو وقف عرض الوظائف في قطاعاتها وأجهزتها الإدارية ووحداتها الادارية لا يساعد على تحفيز الاستثمار، وفق قول عبد المطلب.

ووصل معدل البطالة في مصر إلى 10.6% في الربع الأول من العام الحالي.

ومن جانبه لم يجد البرلماني السابق الدكتور جمال حشمت في تقليص عدد الموظفين أو عدم تعيين عمالة جديدة أي تصرف مستغرب من قبل الحكومة، بل رأى في التوجه الحكومي اتساقا شديدا مع أفعال السلطة منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013.

وتابع للجزيرة نت "لم يلمس المواطن أي مكسب منذ خمس سنوات.. لقد حرم المواطن من خداماته المستحقة تعليميا وصحيا ومعيشيا، وازداد مستوى الفقر وقلّ الإحساس بالأمان النفسي والاجتماعي والأمني، وزادت نسب البطالة والجرائم".

لكن ما تداعيات التخلي عن ملايين الموظفين؟ يجيب حشمت بأن الحكومة بالفعل تتخلى عن موظفيها في كل المؤسسات منذ الانقلاب العسكري لأسباب وصفها بالواهية.

أما وكيل اللجنة الاقتصادية بالبرلمان المصري عمرو الجوهري فلديه رؤية مغايرة، فهو يرى أن إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة أمر ضروري بالتزامن مع خطة الحكومة لنقل الوزارات إلى العاصمة الجديدة.

وأوضح في تصريح صحفي أن خطة الهيكلة تسعى لتقليل أعداد الموظفين إلى نحو 20% من الأعداد الموجودة الآن.

لذلك رأى الجوهري أهمية إعداد دراسات عديدة من وزارة التخطيط لتحديد من يستحق البقاء من الموظفين، وذلك لعمل خطة جديدة لتعديل مرتبات الموظفين العاملين بالدولة لعمل توازن بينهم.

المصدر : الجزيرة

إضافة تعليق