سياسيون يشككون برواية الداخلية عن حادث معهد الأورام بمصر

سياسيون يشككون برواية الداخلية عن حادث معهد الأورام بمصر

حذر سياسيون مصريون من وجود أهداف "خبيثة" وراء إعلان وزارة الداخلية المصرية بأن الحادث الذي أودى بحياة العشرات أمام معهد الأورام وسط القاهرة كان "إرهابيا".

وقال مختصون تحدثوا لـ"عربي21" إن الرواية الرسمية تريد إلقاء الكرة بعيدا عن اتهام الحكومة المصرية بالفشل والتقصير من جانب، وتريد تشويه خصوم نظام الانقلاب العسكري من جانب آخر، حيث ربطوا بين تأخر تعليق السيسي على الحادث، وبين صدور بيان الداخلية، الذي حمل اتهامات لحركة حسم التي ينسبها السيسي لجماعة الإخوان المسلمين.

وحذر المختصون من أن تكون هذه الحادثة مدبرة للتغطية على كوارث قادمة يعتزم السيسي تنفيذها في حق قيادات الإخوان، الذين ينتظرون أحكاما قبل نهاية الشهر الجاري في قضيتي الهروب من سجن وادي النطرون والتخابر مع حماس.

وقال الخبراء إن السيسي بوصفه للحادث بالعمل الإرهابي نصّب نفسه حكما، ورسم خطا تسير عليه تحقيقات النيابة حول الحادث، رغم عدم تناغم الرواية الرسمية مع العقل والمنطق.

وكان السيسي أعلن من خلال حسابه الرسمي، بعد وقوع الحادث بـ18 ساعة، عن تعازيه لضحايا الحادث الذي وصفه بالإرهابي، وهو التعليق الذي جاء بعد دقائق من البيان الرسمي لوزارة الداخلية، بأن الحادث كان بسبب تصادم سيارة محملة بالمتفجرات كانت في طريقها لتنفيذ عمليات إرهابية.

وسربت الداخلية لعدد من الصحف التابعة لجهاز المخابرات معلومات عن تورط حركة "حسم" بالعملية، وأن السيارة التي كانت تنقل المتفجرات تابعة لها، وأنها كانت تعتزم استخدام المتفجرات ضد رجال الشرطة والمواطنين بمناسبة عيد الأضحى المبارك.

"شكوك"

ويوضح الخبير الأمني حمدي الشعراوي لـ"عربي21" أن الحادث تحيطه الشكوك، خاصة وأن اتهام السلطات المصرية لحركة حسم، إما أنه يعبر عن التسرع الحكومي لمحاولة صرف الأنظار عن الأخطاء الشنيعة في التعاطي مع الحادث، أو أن الموضوع كان يتم الترتيب له مبكرا لأسباب متعلقة بالنظام نفسه.

ويضيف الشعراوي: "لو صحت التخوفات التي أطلقها البعض، بأن للنظام يد في العملية، فإنه يضع بذلك الشعب في وجه المدفع، ولأن النظام هو الوحيد الذي يملك المعلومات والإعلام والأمن، فإنه سوف يستخدم شماعة الإرهاب لأغراض سياسية، لتثبيت أركانه ومحو اتهامه بانتهاكات حقوق الإنسان".

وفيما يتعلق بنسبة السيارة المحملة بالمتفجرات لحركة حسم، يؤكد الخبير الأمني أن "هذه الحركة مازالت غامضة، كما أنها اختفت من الصورة بشكل كبير منذ أكثر من عام، ولو كانت موجودة بالفعل وتريد إرباك النظام، فكان لديها كأس الأمم الأفريقية لهز صورة النظام الدولية، وليس تشويه صورتها كحركة مقاومة للنظام بقتل الغلابة والمرضى".

"نماذج سابقة"

من جانبه، يؤكد وكيل لجنة العلاقات الخارجية السابق بالبرلمان المصري، محمد جمال حشمت، أن رواية الداخلية تطلق جرس إنذار، "عن تغيير في طريقة تعامل نظام السيسي مع خصومه من جهة، ومع الشعب المصري كله من جهة أخرى، وأن دماء المصريين ليس لها قيمة مقابل تقصيره وإهماله وفساده، والحجة في النهاية جاهزة لديه، وهي الأعمال الإرهابية".

ويشير حشمت لـ"عربي21" إلى أن الوثائق التي وقعت في يد الثوار بعد اقتحام مقر أمن الدولة في ثورة 25 يناير 2011، كشفت عن قيام الداخلية بتدبير حادث كنيسة القديسين الذي جرى قبل الثورة بأيام لتشويه صورة المعارضة، وتبرير استمرار العمل بقانون الطوارئ، وتزوير انتخابات مجلس الشعب 2010، كما جاء في الوثائق المتبادلة بين وزير الداخلية حبيب العادلي ومساعده لأمن الدولة حسن عبد الرحمن، وقد تقدم عدد من المحامين ببلاغات للنائب العام وقتها عبد المجيد محمود، حول هذه الوثائق، لكن القضية لم تر النور.

ويضيف حشمت أن "هناك وثائق أخرى شبيهة متعلقة بحوادث فندق غزالة بشرم الشيخ وتفجيرات طابا، بسبب الخلافات المادية بين جمال مبارك وحسين سالم حول نسبته في صفقة تصدير الغاز المصري لإسرائيل".

ويشير حشمت إلى أن حادث معهد الأورام "ليس بعيدا عن هذا الإطار، خاصة أن ما ذكرته الداخلية يخالف العقل والمنطق، ويحمل تناقضات عديدة، منها أن السيارة التي من المفترض أنها تحمل كمية متفجرات هائلة ويقودها مطلوبين للداخلية، يسيرون عكس السير في منطقة مزدحمة مثل القصر العيني، وينطلقون بسرعة زائدة رغم عدم وجود ملاحقة أمنية لهم".

"مقدمة مريبة"

من جانبه، أكد وكيل المجلس الأعلى للصحافة السابق، قطب العربي، لـ"عربي21"، أن اتهام نظام السيسي لجهة مجهولة تدعى حركة حسم، بأنها وراء كارثة معهد الأورام ليست جديدة، باعتباره الحل السهل الذي يلجأ إليه نظام الانقلاب في التعامل مع الكوارث العديدة التي تصيب مصر باستمرار.

ولا يستبعد العربي أن "تعلن السلطات المصرية خلال الساعات القادمة عن تصفية عدد من المتورطين في الحادث بعد تبادل وهمي لإطلاق النار، ثم تكون المفاجأة أن الذين تم تصفيتهم عبارة عن مجموعة من المختفين قسريا لدى الأمن المصري من مدد تتراوح بين الأشهر والسنوات، وأن هناك أدلة وبلاغات لذويهم عن اختفائهم منذ فترات طويلة".

ويحذر العربي من أن تكون هذه العملية المريبة "مقدمة لسلسلة من التصفيات الجسدية لمعارضي السيسي خارج مصر، بعد التصريحات الواضحة لوزيرة الهجرة خلال لقائها بأفراد من الجالية المصرية بكندا قبل أيام، وإشارتها بقطع رقبة كل من يعارض النظام المصري".

ويضيف العربي: "العالم ينتظر الأحكام التي سوف تصدرها المحكمة المسيسة ضد قيادات الإخوان في قضيتي الهروب من سجن وادي النطرون والتخابر مع حماس، قبل نهاية الشهر الجاري، وهي القضية التي لقي المعتقلون على ذمتها دعما وتعاطفا كبيرا بعد وفاة الرئيس الراحل محمد مرسي داخل قفص المحاكمة، وهو يوضح كذب الادعاءات التي جاءت في أوراق القضية".

إضافة تعليق